وإن شئت قلت : احتمال العبث قائم في الألفاظ أيضاً وإنّما ينفي بالقرائن ، وكذلك في الكتابة من دون أي فرق . وعن السّابع : بأن دعوى عدم صدق عنوان العقد عليه ، وأنه نظير المعاطاة كما عرفت من كلام صاحب الجواهر ( قدس سره ) دعوى بلا برهان بل الكتابة أحق بهذا العنوان من الألفاظ المنطوقة ، فإن العقد ليس إلَّا العهد المؤكد ، مع أنا نعلم بأن المعاهدات المهمّة بين الأشخاص والأقوام والدول تكون بالكتابة ، فلو لم يصدق العقد والعهد عليها لم يصدق على غيرها . هذا مضافاً إلى أن المعاطاة - كما ذكرناه في محله - أيضاً من العقود اللازمة ، بل قد ذكرنا أن الأصل في البيع وشبهه في أوّل الأمر كان بصورة المعاطاة ، فهي البيع وإنّما نشأ البيع بالصيغة بعد ذلك ، وبعد أخذ المجتمعات البشرية في التقدّم ، فلا تعدّ المعاطاة فرعاً والبيع بالصيغة أصلًا ، بل الأمر بالعكس ، فالمعاطاة أصل ، والبيع بالصيغة فرع لها قد نشأ بعدها ( وتمام الكلام عن ذلك موكول إلى محله من كتاب البيع ) . فشمول إطلاقات وجوب الوفاء بالعقود والشروط وشبهها لما أنشأ بالكتابة ممّا لا ريب فيه ولا شبهة تعتريه . وعن الثّامن : بأن الاستدلال بالرواية المعروفة : « إنّما يحلَّل الكلام ويحرّم الكلام » مشكل جدّاً ، فإنها مع ضعف سندها بجهالة « ابن الحجاج » أو « ابن نجيح » ( كليهما ) لا دلالة لها على المطلوب أصلًا لا هنا ولا في باب المعاطاة ، بل هي أجنبية عمّا نحن بصدده ، والمراد منها - كما يظهر من سياقها ، ويظهر من سائر ما ورد في هذا الباب ، هو الاحتمال الرّابع من الاحتمالات الأربعة السابقة ، لا سيّما بقرينة قوله : « أليس إن شاء ترك وإن شاء أخذ » فإنه كالصريح في أن بعض أنواع الكلام ( وهو المقاولة ) يحلَّل وبعضها ( وهو إنشاء بيع ما ليس عنده ) يحرم ، فمن باع ما ليس عنده كان حراماً ، ومن تكلَّم من دون إنشاء البيع ، بل أنشأ بعد التملَّك كان حلالًا ، فراجع الباب 8 من