دليل القول الثاني : 1 - عدم حصول البراءة بالأقل من القصر . 2 - عدم صدق الموضوع ، لأن الخارج إلى ما دونها كالمقيم . 3 - واستدلالات أخرى من العامة ، لكنها ضعيفة ، تمر عليك فيما يلي . ولعل دليل القول الثالث - وإن لم يصرح القائل ، بما استدل به - هو ما ورد عن أبي جعفر ( عليه السلام ) في الرواية الثانية - في هذا الفرع - . أقول : لعل القول الثاني هو الأقرب لعدم حصول اليقين بالبراءة في إتيان المأمور به . وهو وجوب تغريب الزاني فيما لو غرب إلى ما دون المسافة ، مع ضعف مستند القول الثالث . إلا أن يقال : بأن المقام من الشك في التكليف بأكثر من هذا المقدار ، وهو دون المسافة . لكن مع وجود الدليل لا وجه لجريان الأصل ، فالإطلاقات والعمومات محكمة ، وهي تقتضي عدم اعتبار المسافة . ويرى بعض العامة : أن يكون النفي من عمل الحاكم إلى عمل غيره ، دون التقيد بمسافة معينة ، فلو نفى إلى قرية تبعد عن محل الحادث ميلا لكفى ، كما يجوز أن ينفى من مصر إلى مصر . ولا ندري ما هو مستنده ؟ ! ثم لا بد من البحث في مقدار مسافة القصر ، وهل أنها أربعة برد - كما عن مالك والشافعي وأحمد - وهما مسيرة يوم بالسير الوسط - أو مسيرة ثلاثة أيام ، كما هو رأي أبي حنيفة والكوفيين [1] . أو ميل فأكثر كما هو رأي الظاهريين [2] . أو بريدان ، كما هو المجمع عليه عند الإمامية - وهو أربعة وعشرون ميلا [3] .
[1] بداية المجتهد 1 : 131 . [2] المحلى 5 : 1 . [3] جواهر الكلام 14 : 193 و 194 و 197 .