وإما بنصب طريق مصيب ، وإما بإيجاب الاحتياط عليه ، لمنجزية نفس الاحتمال . الثاني - أن لا يكون الغرض كالأول ، بل يكون مطلوبا على تقدير وصول الخطاب تفصيلا ، بحيث يكون العلم التفصيلي به موجبا لتمامية فعليته أولا ، ولتنجزه ثانيا ، ومن المعلوم أن إيصال الحكم الناشئ من مثل هذا الغرض ليس من وظيفة المولى ، فكما لا يجب - على الحاكم - رفع موانع تنجزه ، فكذلك يجوز له إيجاد المانع من وصوله إلى المكلف بنصب طريق غير مصيب ، أو أصل مرخص . والخلاصة : أن التكليف المعلوم بالإجمال إن كان من القسم الأول فهو يتنجز بالعلم الإجمالي ، لوصول البعث أو الزجر إلى العبد الرافع لعذره من حيث الجهل ، فيستحق العقوبة على المخالفة . وإن كان من الثاني فهو لا يتنجز بالعلم الإجمالي - لا لقصور في العلم - بل لخلل في المعلوم ، وهو عدم تحقق شرط تمامية فعليته أي العلم التفصيلي به [1] . ثالثا - المحقق النائيني : وأما المحقق النائيني فيظهر من كلماته في فوائد الأصول القول بالعلية ، لأن عدم جريان الأصول في أطراف العلم الإجمالي عنده إنما هو لأحد أسباب ثلاثة : 1 - إما لارتفاع موضوع الأصل - بسبب العلم الإجمالي - كما في أصالة الإباحة عند دوران الأمر بين المحذورين . فلو علم إجمالا بوجوب فعل شئ أو تركه ، فأصالة الإباحة في الفعل تقتضي الرخصة في كل من الفعل والترك ، وأصالة الإباحة في الترك تقتضي ذلك أيضا ، وهذا ينافي العلم بوجوب الفعل أو الترك ، فإذن لا تجري أصالة الإباحة في كل من طرفي الفعل والترك ، لأن مفادها يضاد المعلوم بالإجمال ، فلا موضوع لها إذن . 2 - وإما لأن المجعول في الأصل معنى لا يعقل ثبوته في جميع الأطراف ، وذلك كما في الأصول التنزيلية المحرزة كالاستصحاب ، لأن المجعول فيها هو البناء العملي ، وفرض أحد طرفي الشك هو الواقع ، وإلغاء الطرف الآخر ، وجعل الشك فيه كالعدم ، ولكن لا يمكن تطبيق ذلك في