وبعد أن خيرهن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بين المقام عنده وبين اختيار أنفسهن قامت أم سلمة - وهي أول من قامت - وقالت : قد اخترت الله ورسوله فقمن كلهن فعانقنه وقلن مثل ذلك [1] . المفهوم من مجموع الأخبار : أن وجوب هذا التخيير وما يترتب عليه من وجوب الطلاق لو اخترن أنفسهن وحصول البينونة بهذا الطلاق من دون جواز رجعته لو وقع ، مما خص به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليس لغيره من الناس [2] . وإن كان يظهر من بعض الأخبار أن ذلك لعموم الناس لكنها محمولة على التقية [3] . هل يحتاج الطلاق إلى صيغة ؟ والأمر المهم الذي ينبغي توضيحه هو : أنه لو اخترن أنفسهن فهل تحصل البينونة بمجرد الاختيار أو لا بد من الطلاق ؟ فيه قولان : الأول - أن ذلك كناية عن الطلاق فلا يقع به الطلاق ، بل لا بد من التطليق صريحا ، لأن التخيير ليس له حكم بنفسه ، بل ظاهر الآية أن من اختارت الحياة الدنيا وزينتها يطلقها ، لقوله تعالى : ( وإن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا ) [1] . وهذا رأي أغلب فقهاء الإمامية ، بل ادعي عليه الإجماع في المسالك [2] والحدائق [3] . الثاني - أن هذا التخيير وإن كان كناية عن الطلاق لكنه يقع به ، لأنه من خواصه صلى الله عليه وآله وسلم فلا يحتاج إلى الصيغة ، نقل ذلك عن الشيخ في المبسوط والعلامة في القواعد ، والتحرير [4] . وصرح به الفاضل المقداد في كنز العرفان ، فقال : " والتخيير هنا كناية عن الطلاق ، فمن اختارت الدنيا انفسخ نكاحها وهو من خواصه " [5] . وقال ابن الجنيد وابن أبي عقيل بوقوعه طلاقا مع نيته واختيارها نفسها
[1] الحدائق 23 : 100 نقله عن تفسير القمي . [2] المصدر السابق . [3] نفس المصدر : 101 والجواهر 29 : 124 . [1] الأحزاب : 28 . [2] المسالك 1 : 440 . [3] الحدائق 23 : 101 . [4] راجع الجواهر 29 : 123 . [5] كنز العرفان 2 : 238 .