طلب الفلوس من زيد بون بعيد . وبالجملة فعلى هذا يكون الإجارة والجعالة في التعبديّات باطلة لعدم القدرة على المستأجر عليه ، وممّا يرشد إلى ما ذكرنا من أنّ المعيار في العبادة هو الحامل أنّ اختلاف درجات العبادة ليس إلَّا باختلافه فعبادة الأمير - صلوات اللَّه عليه - في غاية الارتفاع لأجل أنّ الحامل فيها ليس سوى أهلية اللَّه تعالى للعبادة وعباداتنا في هذه المرتبة من الدناءة لأجل أنّ غاياتها ليست إلَّا استراحة أنفسنا ودفع المهالك عنها ، فكما ينقص الداعي الأولى من درجة العبادة ، فكذلك قد يوجب سقوط العمل عن العبادية رأسا . فإن قلت : سلَّمنا جميع ما ذكرت لكنّه لا يلازم بطلان الإجارة على العبادة إذ يمكن للأجير أن يجاهد نفسه ويجعل نيّته خالصة لوجهه الكريم فيستحق الأجرة ، وذلك إمّا بكون الداعي المستقل في نفسه منحصرا في القربة ، وإمّا بكون كل منه ومن داعي الأجرة مؤثّرا مستقلَّا ، وإن كان الفعل مستندا إلى مجموعهما من جهة امتناع توارد العلَّتين المستقلَّتين على معلول واحد . قلت : قد أجاب شيخنا المرتضى عن هذا بأنّه لا بد في متعلَّق الإجارة أن يكون قابلا لأن يوفي به بعقد الإجارة ويؤتى به لأجل استحقاق المستأجر إيّاه ، وقد عرفت عن القابلية في العبادة ، والمراد على ما أوضحه شيخنا الميرزا الشيرازي في التعليقة أنّ الأمر لا بد أن يكون له قابلية الداعوية المستقلة إلى متعلَّقة لأنّ الغرض منه في التوصليات أن يكون هو الداعي حيث لا داعي سواه ، وعلى ما فرضنا لا يمكن أن يصير أمر « ف بالإجارة » داعيا مستقلا فيما كان الداعي القربى ضعيفا أو لم يكن أصلا ، فإنّ معنى الوفاء الإتيان بالعمل بعنوان استحقاق الغير له بإزاء العوض ، وهذا ما ذكرنا من منافاته للعبادية . إلَّا أن يقال كما يظهر من الأستاذ - دام ظلَّه - الميل إليه بأنّ هذا إنّما يجدي إذا كان