بنفس ذلك الإنشاء ولو انفك عن العمل الجوارحي ، بل المقصود هو المعنى الذي لا ينطبق إلَّا على العمل الجوارحي وهو التنزيل منزلته في العمل الذي ما دام لا يتعقّبه العمل لا يحصل ذلك التنزيل ، نظير التنزيل في الشبهة الموضوعية حيث لا يعقل انفكاكه عن لحوق الحكم ، فكما لا ينفكّ تنزيل المشكوك خمريته منزلة الخمر عن لحوق حكم الخمر له ، كذلك لا ينفك تنزيل العامل نفسه منزلة المعمول له عن لحوق العمل . وإن شئت قلت : طرفا التنزيل في المقام عنوان العامل وعنوان المعمول له لا ذاتهما . ومن المعلوم عدم انفكاك ذلك عن العمل . وكيف كان فالأخير مبناه عدم الحاجة في قرب الغير إلى حصول إضافة من العمل إليه كما تقدّم وجهه . والجميع مشترك في الحاجة إلى إمضاء المولى لعمل العامل ، وإلَّا كان التنزيل والقصد المذكوران لغوين . وبالجملة كل من التنزيل وقصد قرب الغير ، أمر ممكن في ذاته ولا يلزم من وجود المبادي في أنفسهما الدور ، إذ هما أمران اختياريان ، كما يوجدان لوجود مبادئهما من الخارج ، كذلك قد يوجدان لوجود مبادئهما في أنفسهما ، وقد حقق ذلك في محلَّه . وإذن فليس المانع فيهما سوى وجود المبادئ في أنفسهما وأنّه لا يعقل قرب الغير بعمل هذا المنزل والقاصد . فنقول : إن كان وجه عدم المعقولية عدم قابلية المحل للقرب وكونه كالجماد ، فهو في غاية الفساد . وإن كان الوجه عدم سعي ممّن يقصد تقرّبه ، فقد قلنا عدم لزوم ذلك بناء على الأخير وحصوله بواسطة الرضا والإمضاء بناء على أحد الأوّلين . وإن كان الوجه عدم قبول من يتقرّب إليه ، فقد مرّ أيضا أنّ المفروض صورة إمضاء المولى . ومن المعلوم أنّ إمضاء العمل الذي قصد به قرب الغير معناه إعطاء القرب المقصود لذلك الغير ، كما أنّ إمضاء الاحتطاب بقصد تملَّك الغير معناه