فيسقط الدين بسقوط الغرض . وعلى الوجه الثاني هو العمل الأعم من الواجد للإضافتين والفاقد لهما ، فما يأتيه العامل عين ما استقرّ في ذمّة المنوب عنه ، ولا غرو في كون عمل الغير وقربه أداء للدين الثابت في ذمّة الغير ، كما في أداء دين الناس إذا تبرّع به الغير ، حيث إنّ المؤدّى مال للمتبرّع ومع ذلك هو أداء للدين الثابت في ذمّة المديون . وبالجملة فالعمل الأولى في الوجه الأوّل ، هو إعطاء الغرفتين وهو يوجب سقوط الدين بسقوط غرضه . وفي الوجه الثاني هو أداء الدين وهو يوجب حصول الغرفتين . ويؤيّد الوجه الثاني في مرحلة الإثبات : قضيّة الخثعمية التي أتت النبي صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم فقالت : إنّ أبي أدركه الحجّ شيخا زمنا لا يستطيع أن يحجّ إن حججت عنه أينفعه ذلك ؟ فقال لها : أرأيت لو كان على أبيك دين فقضيته أكان ينفعه ذلك ؟ قالت : نعم ، قال : فدين اللَّه أحقّ بالقضاء . وأمّا الوجه الثالث : فالإشكال المتصوّر فيه أنّه كيف يحصل القرب لشخص لم يصدر منه حركة ولم يعمل منه اختيار ، بل قد لا يكون ملتفتا مستشعرا إلى ما عمله الغير وهذا منقوض : أوّلا : بما يحصل للغير من غفران الذنوب وارتفاع الدرجة بواسطة دعاء شخص آخر أو شفاعته ، مع أنّه أيضا شريك مع ما نحن فيه . وثانيا : بالحلّ ، وهو أنّ القرب عبارة عن حصول درجة ، نظير لحوق المنصب عند الموالي الظاهرية . ومعلوم أنّ المنصب له اعتبار عند العقلاء لا حاجة فيه إلى حركة وكدّ وسعي ، بل قد يحصل منصب الوزارة أو الصدارة مثلا من غير التفات صاحبه ، بواسطة استدعاء من له وجه عند السلطان ، أو صدور عمل ممّن يتعلَّق به أوجب إصدار المنصب له جزاء لذلك العمل .