ومن هذا يعلم أنّ حكمهم بعصيان سالك الطريق المظنون الضرر فيجب عليه إتمام الصلاة ولو انكشف عدم الضرر على طبق القاعدة ، وليس من باب التجري في شيء . وعلى هذا فلا مساغ للرجوع إلى أصل البراءة ، لكن لا ينافي هذا مع جريان الأصل المنقح للموضوع نفيا وإثباتا ، فإذا كان عدم الضرر له الحالة السابقة يجري الاستصحاب ويحكم بجواز السلوك ، وكذلك بجواز الصوم لو شكّ في كونه ضرريا أم لا مع سبق عدم ضرريته ، وهكذا في مقامنا لو كان مسبوقا بالكفر أو عدم الإيمان أو التجاهر أو عدم الكراهة جاز استصحاب ذلك . فإن قلت : بعد ما فرضت من أنّ موضوع الدليل منقح بطريق القطع في صورة الاحتمال والشكّ فلا وجه للرجوع إلى حكم الأصل لأنّه مجعول للشاكّ ، وهذا قاطع بالواقع ولا يمكن رفع اليد عن الدليل وإيراد التخصيص عليه إلَّا بالدليل لا بالأصل . قلت : حال هذا الموضوع حال الشك المأخوذ موضوعا في أدلَّة الأصول حيث إنّه مع القطع بوجود الشكّ والقطع بكون أثره كذا يرفع اليد عنه بأصل آخر كان منقّحا للموضوع بالنسبة إلى الأصل الأوّل ، ولا يرفع هذا الأصل الثانوي بالشكّ الذي هو الموضوع في الأصل الأوّلي بناء على أنّ الشكّ المأخوذ في أدلَّة الأصول ليس بمعنى الحيرة وعدم الظفر بالحجّة والطريق وكونه هو التزلزل النفساني ، وذلك أنّ باب اللفظيات غير باب اللبيّات فإذا كان موضوع حكم ثابت في اللبّ منقّحا قطعا ، فلا يمكن رفع اليد عن حكمه إلَّا بتبدّل القطع بالقطع بالخلاف . وفي هذا المقام لا يكفي الأصول والامارات المعمول بها في حال الشكّ . ومن هذا الباب ما قلناه في باب الاستحلال من عدم جواز الرجوع إلى