الثلاثة إلَّا تنزيل طبيعة القلم منزلة طبيعة اللسان بملاحظة الشركة في الآثار المتمشية من طبيعة اللسان . وكذلك تنزيل اليأس منزلة طبيعة الراحة ، والتراب منزلة طبيعة الطهور من دون نظر إلى الآثار التي تترتّب على خصوص كلّ لسان وكلّ راحة وكلّ طهور المختلفة في المقامات . فكذلك في المقام أيضا المقصود تشريك السامع للمغتاب فيما ثبت للمغتاب بالمعنى الجامع بين أفراده من دون نظر إلى خصوصيات الأفراد ، ومن المعلوم أنّه ليس إلَّا الحرمة الواقعية فيكون حكم العقل بالمعذورية والتنجز بشرائطهما واردا عليهما وملحوظا فيهما في عرض واحد ، لا أنّه يلاحظ أوّلا في المغتاب ثمّ يصير هو موضوعا للحرمة والجواز في السامع . وثانيا : سلَّمنا أنّ المنزل عليه شخص المغتاب المختلف في كلّ مقام ، لكن على هذا أيضا لا يكون الملحوظ إلَّا الحكم الواقعي المجعول في حقّ كلّ من المعذور وغيره ، إذ على هذا يصير الكلام في قوّة أن يقال كلّ سامع بمنزلة مغتاب نفسه ، فالمغتاب الكذائي يدخل النار فكذا سامعه والمغتاب الكذائي لا يدخلها فكذا سامعه . ولا يخفى أنّ الأشخاص الملحوظة في هذا النظر غير ملحوظ فيها جهة المعذورية وعدمها . وإن شئت توضيح ذلك فلاحظ الأدلَّة الواردة بلسان التوعيد على ارتكاب المحرّمات وبيان العقوبات التي يبتلى بها صاحبها ، فهل ترى أنّه ينساق منها عدم عذر الفاعل ، أو أنّ المقصود بيان نفس التحريم مع اتكال جهة العذر وعدمه على قواعدهما ؟ والحاصل أنّا ندّعي أنّه من الممكن أن يصير عذر شخص وعدم عذره موضوعين لحكم شخص آخر ، كما قد يقال بذلك في باب النهي عن المنكر فيقال : بأنّ مجرّد الحرمة الواقعية لا يكفي في وجوب النهي والردع ، بل لا بدّ أن يتلبّس العمل في الخارج علاوة على حرمته من حيث نفسه بلباس المنكرية من حيث