الغيبة المحرّمة عند المغتاب - بالكسر - ولو كانت من القسم الجائز عند المستمع فإذا كان المغتاب - بالفتح - متجاهرا باعتقاد المتكلَّم ومستورا باعتقاد المستمع فكلاهما غير فاعل للحرام ، كما أنّه على الأوّل المتكلَّم فاعل للحرام دون المستمع وجهان ناشئان من كون المراد بالنبوي المتقدّم في الرابع والأربعين المستمع أحد المغتابين ، والعلوي السامع للغيبة أحد المغتابين على قراءة المغتابين بصيغة التثنية ، تنزيل واقع السماع منزلة واقع الغيبة ، أو كون المراد تنزيل واقع السماع منزلة الغيبة على ما هي عليه عند متكلَّمها ، فإن كانت عنده حراما كان السماع أيضا حراما ، وإن كانت عنده جائزة كان جائزا . واستظهر الثاني شيخنا المرتضى - قدّس سرّه - ولعلّ وجهه أنّه على قراءة التثنية كما هو المفروض ، لا يمكن أن يكون المنزل عليه كلّ فرد من أفراد المغتاب - بالكسر - إذ هو مشتمل على مرتكب الحرام وغيره ، فيلزم كون السامع مرتكبا للحرام وغير مرتكب له ، فيتعيّن أن يكون المقصود تنزيل كلّ سامع منزلة شخص المغتاب الذي يستمع إليه ، فيلزم من هذا أنّه إن كان المغتاب عاصيا كان السامع كذلك ، وإن لم يكن عاصيا فالسامع كذلك . واستظهر الأوّل شيخنا الأستاذ - دام بقاه - بتقريب أنّ المراد بالغيبة ما هو معناها واقعا ، وليس لإحراز المتكلَّم دخل في مفهومها قطعا . غاية الأمر إنّ المتكلَّم إذا أحرز خلاف الواقع كان معذورا لتوقّف تنجز التكليف على العلم ، وعلى هذا فالمراد أنّ السامع كالمغتاب بمعناه الواقعي فكما لا يلاحظ السامع إلَّا تكليف نفسه حال الاغتياب ، فكذلك حال السماع أيضا . وأمّا كون المنزل عليه شخص المغتاب المختلف في كلّ مقام فأوّلا ممنوع ، بل هو طبيعة المغتاب كما هو الحال في نظائر هذا التركيب مثل اليأس احدى الراحتين ، والقلم أحد اللسانين ، والتراب أحد الطهورين . فليس المقصود في