لا يمكن الاحتياط بواسطة دوران الأمر بين المحذورين كما في قضية من سأل النبيّ صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم عن حكم أمّه التي لا تدفع يد لامس فإنّ الأمر دائر بين تقييد الأمّ المحتمل حرمته وترك تقييدها المحتمل كونه ترك الواجب . لا يقال يجب الحكم حينئذ بتقديم جانب ترك السؤال والتعلَّم بملاحظة أنّ في التعلَّم ارتكاب المعلوم الحرمة أعني الغيبة وفي تركه ارتكاب محتملها ، فإنّ التقييد يحتمل جوازه بالمعنى الأعم وكذا تركه . وإذا دار الأمر بين ارتكاب معلوم الحرمة ومحتملها كان المتعيّن هو الثاني إلَّا أن تكون الحرمة المحتملة بمكان من الاهتمام الذي كان احتماله مقدّما على قطع غيره كقتل النبيّ ، فلو لم يكن بهذه الدرجة فمجرّد احتمال الأهميّة فضلا عن العلم بالمساواة لا يجوّز الاقتحام في المعلوم الحرمة ، بل يجب التحرّز عمّا هو المعلوم والاقتحام في المحتمل ، ولا يقدح في ذلك كون العصيان في كليهما محتملا لأنّ المفروض هو التزاحم ، فمع عدم أهميّة المعلوم لا عصيان بارتكابه وإن كان مخالفة للتكليف لأنّ العصيان وعدمه كليهما حكم العقل ينتزعه من مخالفة المولى وعدمها . فاللازم في مقامنا الذي نبحث عن حكم العقل تجريد النظر عنه وملاحظة ما هو المخالفة بحسب الذات ، ومن المعلوم كون المخالفة الذاتية في جانب الغيبة معلومة ، وفي جانب الترك مشكوكة . لأنّا نقول : المفروض أنّ الشك المذكور مقرون بإمكان الفحص والسؤال ومن المقرر في محلَّه أنّ التكليف المشكوك الذي يمكن الفحص عنه أيضا بمثابة المعلوم في حكم العقل بوجوب موافقته ، والزجر عن مخالفته ، وحينئذ فمع عدم احتمال الأهمية في أحدهما يثبت التخيير ، وكذا مع احتمالها في كليهما ، وأمّا مع احتمالها في أحدهما دون الآخر أو علمها يتعيّن جانب الأهمّ . هذا حكم المقام على حسب القواعد ، وقد يتمسّك لإثبات الجواز في