إلَّا أن يقال إنّ هذا ينافي الأخبار المتقدمة الدالَّة على أنّ الغيبة تساوق مع كشف الستر مع تعميم الستر لما يشمل الفسق للتصريح به في التاسع عشر حيث أدرج من أذاع شين أخيه وهادم مروته في قوله تعالى * ( إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ ) * إلخ [1] حيث إنّ ظاهر الفاحشة هي المعصية أو هي المتيقّن منها بحسب استعمالاتها . بل وأصرح منه قوله في الخامس عشر الغيبة أن تبثّ على أخيك أمرا قد ستره اللَّه عليه لم يقم عليه فيه حدّ حيث إنّها صريحة في أنّ المعصية الموجبة للحدّ إذا كانت مستورة ولم يجر على صاحبها الحدّ حتّى تكون مشهورة ، فبثّها ونشرها غيبة محرّمة ، وقد صرّح الفقهاء أيضا بأنّه لا فرق في المقول بين كونه راجعا إلى الدنيا أو الدين وظاهرهم عدم الفرق في الأمر الديني بين الصغائر والكبائر . وبالجملة الظاهر أنّ المراجع فيما تقدّم من أخبار الباب وغيرها يقطع بأنّ الفاسق مشمول أدلَّة حرمة الغيبة ، فلا بدّ من الجواب عن هذه الأخبار الأربعة المذكورة الدالَّة على خلافه . فنقول : أمّا الأخير منها فمخدوش السند بواسطة الإرسال فلا يقاوم تلك الأدلَّة المحكمة المتقنة . وأمّا الثالث فقد عرفت الجواب عن ذيله أعني تطبيق عنوان الفاسق وجائز الغيبة على التارك للجماعة بواسطة حمله على المستنكف المستكبر كما هو الغالب وواضح أنّ هذا ملازم غالبا مع التجاهر . وأمّا صدره المتّحد مضمونا مع الخبرين السابقين ، فالجواب عنها أنّ دلالتها على جواز غيبة الفاسق إنّما هي بمفهوم الشرط في الأوّلين وبمفهوم الوصف في