فإن قلت : النسبة بين كشف الستر وذكر الستر عموم وخصوص مطلق لعدم انفكاك الكشف عن الذكر وانفكاك الذكر - لو سلمنا انصرافه إلى وجود المخاطب ، وقلنا بعدم شموله لصورة ذكر الإنسان لنفسه عيب الغير ، كما هو كذلك - فيما إذا كان المخاطب عارفا بالعيب ، ولا يخفى أنّ الأخبار المتقدّمة كانت بمقام التحديد ، وهذا الخبر الذي اشتمل على عطف كشف العورة على الغيبة ليس في مقام التحديد ، فمن الممكن كونه منزلا على ذكر الغالب فيكون التحديد بذكر العيب المستور على حاله محفوظا عن التقييد بصورة كونه كشفا . هذا مضافا إلى أنّ رواية الخطبة المحكية عن عقاب الأعمال قد اختلفت النسخ في نقلها ، ففي كشف الريبة ومكاسب شيخنا المرتضى - قدّس سرّه - بهذه الصورة التي نقلناها ، وفي الوسائل ودار السلام للمحدّث الجليل النوري - نوّر اللَّه مرقده - يكون بدل الغيبة العيب . وعلى هذا لا ربط له بالمقام فإنّه إمّا منزل على تتبّع عيب المؤمن وتجسّس عثراته ، وإمّا ذكر عيبه الشامل لما كان في حضوره . قلت : يكفي في إثبات المرام الرواية الخامسة عشر وهي رواية داود بن سرحان قال : سألته عن الغيبة ؟ قال : هو أن تقول لأخيك في دينه ما لم يفعل ، وتثبت أو تبثّ - على إجمال النسخ - عليه أمرا قد ستره اللَّه عليه لم يقم عليه فيه حدّ . فإنّ قوله : تبثّ ، على كلا احتماليه ، مساوق في المؤدى مع كشف العورة ، فإنّ إثبات الأمر الذي ستره اللَّه لا يصدق مع اطَّلاع السامع ، للزوم تحصيل الحاصل . كما أنّ البثّ والنشر أيضا واضح عدم صدقه إلَّا مع جهل السامع ، ولا يرد على هذه الرواية ما ذكرته فيما تقدّم من كونه في مقام ذكر الغالب ، وذلك لأنّ هذه الرواية في مقام التحديد الظاهر في قصر المحدود فيما ذكر في الحدّ ، ولا يعارضه الخبر الرابع عشر المشتمل على قوله : من الغيبة أن تقول في أخيك ما ستره اللَّه