النبي صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم : ومن مشى في غيبة أخيه وكشف عورته ، بتقريب أنّ الظاهر كون عطف كشف عورته على غيبته من باب العطف التفسيري ، لا أنّهما عنوانان مستقلَّان حتّى يكون مورد افتراق الثاني ما إذا كان الكشف في حضور ذي العورة ، ومورد افتراق الأوّل صورة اطَّلاع السامع مع عدم المعروفية بين الناس ، حيث لا غيبة في الأوّل ولا كشف في الثاني . والمراد بالعورة : هو السرّ كما فسّرها في الثامن عشر حيث توهّم السائل إرادة السفلتين ، فردعه الإمام بقوله عليه السّلام : ليس حيث تذهب إنّما هو إذاعة سرّه . فالمتحصل من ذلك أنّه يعتبر في الغيبة علاوة على كون النقص المذكور سرّا ومستورا ، كون ذكره كشفا للسرّ وإذاعة له . ومن المعلوم توقّف إذاعة السرّ وكشفه على أمرين : الأوّل : كون النقص غير معروف لدى العامّة وبمعرض الظهور والبروز لغير أهل البلد أيضا من دون حاجة إلى اخبار المخبر . وبعبارة أخرى قد يصير النقص في العلنية والدوران على الألسنة والأفواه بمثابة لا يقبل أن يستر ، فإنّه بنفسه يظهر للغريب إذا بقي في البلد قليلا من دون أن يخبره مخبر ، فلا يصدق على الكفّ عن ذكر هذا النقص لهذا الغريب أنّه كتمان للسرّ ولا على ذكره أنّه كشف له . وهذا مراد شيخنا المرتضى - قدّس سرّه - بقوله بعد ذكر الأخبار المعتبرة للستر وتعيّن العمل بها : فيكون ذكر الشخص بالعيوب الظاهرة التي لا تفيد السامع اطَّلاعا لم يعلمه ولا يعلمه عادة من غير خبر مخبر ليست غيبة . انتهى . ومراده بقوله : لا يعلمه إلخ ، كون العيب بمعرض الوضوح عادة وعدم انحصار طريق اطَّلاعه في الأخبار . والثاني : هو الستر عند السامع لوضوح عدم الكشف مع اطَّلاعه .