قلنا بوجوب الاستحلال فيها . قلت : أوّلا : نمنع الحرمة لو سلمنا عدم انفكاك عنوان الإيذاء فإنّ الأخبار المذكورة وإن كانت في مقام نفي الغيبة ، لكن سياقها دالّ على نفي عنوان محرّم آخر أيضا . ألا ترى أنّها في النقص الغير الموجود بعد نفي الغيبة عنها أدرجته تحت البهتان ، فلو كان في العيب الظاهر أيضا عنوان محرّم لنبّهوا عليه أيضا ، فحيث لم ينبّهوا يستكشف عدم الحرمة وأنّ هذا الفرد خارج عن إطلاقات حرمة الإيذاء . وثانيا : نمنع صدق الإيذاء دائما وإنّما يتوقّف على الوصول إلى المغتاب والتفاته ، وأمّا مع عدمه فلا تأذّي ولا إيذاء ، وليس حال الإيذاء كحال الكراهة ، حيث قلنا إنّها موجودة فعلا ولا يحتاج إلى السماع والالتفات ، لوضوح الفرق بين المقامين ، فإنّ الإيلام والإيذاء فرع التألَّم والتأذّي والتأثّر الفعلي ، وهو فرع الوصول والالتفات ، وهذا واضح . وحينئذ فمع الشك في الوصول الأصل العدم هذا . بقي الكلام في أنّ الستر المعتبر في تحقّق الغيبة هل هو الستر عند السامع ولو كان واضحا عند عامّة الناس ، كما لو كان السامع غريب البلد ولم يعرف المغتاب بصفة الأعرجية لعدم ملاقاته ، فيكون هذا غيبة ، وكذلك لو كان العيب مستورا لدى العامّة لكن عرفه السامع فلا غيبة ، أو أنّ المعتبر هو الستر عند العامّة ، فالأمر بالعكس فيتحقّق الغيبة في الثاني دون الأوّل ، أو أنّ المعتبر كلا السترين ؟ قوّى شيخنا الأستاذ - دام ظلَّه - الوجه الأخير ، مستشهدا على اعتبار خصوص الستر عند الناس بظاهر ما ستره اللَّه ، فإنّ الظاهر منه كونه كذلك بقول مطلق وهو لا يتحقّق إلَّا بعدم المعروفية لعامة الناس وصريح ما لا يعرفه الناس ، وعلى اعتبار كلا السترين بقوله في الخبر السادس المروي عن عقاب الأعمال في خطبة