بعد معلومية أصل المفهوم لديهم إجمالا هو السؤال عن تشريح الحدود المايزة له عن غيره في الموارد المشكوكة . وعلى هذا فما ورد في تحديد الغيبة شرعا ليس بصدد الجعل وتأسيس الأساس ، بل إنّما هو تشريح ما ارتكز عند العرف والأمر سهل . وعلى أيّ حال فلا بدّ من التأمّل فيما ذكروا - عليهم السّلام - في تحديدها فنقول : قوله في الحادي عشر والثاني عشر : ذكرك أخاك بما يكره ، الظاهر أنّ المراد بالموصول هو النقص يعني ذكر الأخ بنقص وجعله عبارة عن الكلام يعني ذكره بكلام خلاف الظاهر ، وكذلك الظاهر من العائد المحذوف في الصلة أعني قوله : يكره ، فإنّه بمنزلة قولك : يكرهه ، كونه راجعا إلى نفس الموصول ، فالمعنى ذكر الأخ بنقص يكره الأخ ذلك النقص لا إلى ظهوره أو ذكره ، والأخير يساوق مع جعل الموصول بمعنى الكلام بحسب المحصل مع لزوم التجوّز في هذا دونه . نعم ، يشتركان في مخالفة الظاهر ، والفرق بينهما وبين إرجاع الضمير إلى ظهور النقص أنّهما أعمّ فإنّ النقص قد يكون ظاهرا فليس في إظهاره شيء زائد حتى يكرهه المغتاب ، ولكن يمكن تعلَّق الكراهة بالذكر والكلام مع ذلك لكونه ذكرا وكلاما قصد به الذمّ ، أو أنّ نفس الكلام منقص ذاتا ولو لم يقصد به التنقيص ، مثل الألقاب المشعرة بالذمّ مع عدم قصد القائل إلَّا التعريف ، لكن يظهر من شيخنا المرتضى أنّ رجوع الضمير إلى نفس النقص بدون حذف مضاف في البين مقطوع الفساد ، إذ قد يكون نفس النقص غير مكروه مثل ارتكاب القبائح فإنّ المرتكب غير كاره له بل مائل إليه . ومن المعلوم تحقّق الغيبة فيه لأنّه يكره من التفوّه بذكر هذا الوصف ، ثمّ اختار - قدّس سرّه - رجوع الضمير إلى الظهور دون الذكر بقرينة الأخبار الأخر المخصّصة للغيبة بمورد الإظهار للنقص المستور . هذا ما أفاده وفيه نظر قد نبّه عليه شيخنا الأستاذ - أطال اللَّه بقاءه - وهو أنّ إرجاع الضمير إلى النقص أيضا متّحد في النتيجة مع إرجاعه إلى الذكر ، وذلك أنّه