المحرّمات الأخر من شرب الخمر والزنا واللواط وغيرها لا يناط الحرمة فيها بوجود الداعي إلى عناوينها بل يناط بصدور العنوان على نحو يصحّ المؤاخذة عليه ، ولا شبهة في صحّتها مع الالتفات وعدم الانكفاف ، ولو كان الإتيان بداع آخر . وهذه قاعدة مطردة لكن فيما إذا كان العنوان المحرّم ممّا لم يؤخذ في مفهومه كون إتيانه بالداعي إليه كما في الأمثلة ، وأمّا إذا كان كذلك كما في الاستماع فيحتاج تسرية التعميم إلى دليل ومع عدمه فالمرجع هو الأصل ولا دلالة في شيء من الأدلَّة المتقدّمة على حرمة السماع . أمّا آية * ( لَهْوَ الْحَدِيثِ ) * على تقدير تسليم دلالتها في الاستماع فلأنّه لا اشتراء مع السماع كما لا يخفى . وأمّا آية * ( قَوْلَ الزُّورِ ) * فلأنّ الاجتناب عنه كما مرّ بمعنى الاجتناب عن الأعمال المرغوبة فيه وليس السماع منها . وأمّا الآية * ( لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ ) * فلأنّ الظاهر من شهد فلان مجلس كذا أنّه ذهب إليه بقصده لا نقول : إنّه لا يصدق قولنا شهد مع عدم القصد ، بل نسلم صدقه لغة لكن ندّعي انصرافه بملاحظة ندرة من شهد مجلس الغناء لا بقصده . وأمّا آية * ( وإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً ) * فلأنّ الظاهر من الكرام هنا هو الكرام بنظر العرف ولا يخفى أنّ المرور الكرامي بنظر العرف يتحقّق بعدم الاستماع وعدم الاعتناء وعدم صرف الخاطر نحوه لا بالتقيد بمنع السامعة عن إدراك الصوت رأسا . ودعوى كون المراد بالكرامة هي الشرعية من باب * ( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ الله أَتْقاكُمْ ) * ، فلا يتحقّق المرور المتّصف بها إلَّا مع التحفظ بما هو مراد الشرع من عدم الاستماع أو الكفّ والمنع مخالفة للظاهر ، مع أنّه على هذا أيضا تسقط الآية