نزول الآية تعلَّم القصص كما تقدّم على اختصاص الاشتراء بالتعلَّم كما لا اختصاص للهو الحديث بالقصص إلَّا أن يقال بالاختصاص بقرينة قوله : * ( لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ الله ) * فإنّ ترتّب الإضلال على التعلَّم له معنى ولا معنى له في الاستماع إذ ليس فيه إضلال للغير ، ولا يستفاد الحرمة لنفس الاشتراء مع قطع النظر عن ترتّب الإضلال ، لكنّا في غنى عن دلالة هذه الآية بواسطة : آية * ( واجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ ) * فإنّ الاجتناب عن كلّ شيء هو التبعّد عمّا هو مرغوب منه ومترقّب فيه من الأعمال ولا شكّ أنّ المترقّب في قول الزور كما هو الإنشاء كذلك الاستماع ، فيشمله الاجتناب عن قول الزور . وقوله * ( لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ ) * على ما مرّ من تفسير الزور فيه بالغناء فإنّه بمعنى أنّهم لا يحضرون مجالس الغناء ومشاهده إلَّا أن يقال : إنّ الآية في مقام توصيف الكاملين في الإيمان ، فلا يدلّ على التحريم وهو كما ترى . وقد تقدّم في الخبر السابع عشر أنّ استماع الجواري المغنيات نفاق . وكذلك الثاني عشر المشتمل على سؤال محمّد بن أبي عباد المستهتر بالسماع عن السماع ، والسماع - بفتح السين - وإن كان بمعنى المسموع من الصوت الحسن مثل السمع للسامعة كما يعرف من اللغة ، لكن الظاهر من سؤاله السؤال عن استماع السماع لا عن التغنية به ، ولهذا استشهد الإمام عليه السّلام في الردع عنه بقوله تعالى : * ( وإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً ) * . وبالجملة : حرمة الاستماع ممّا لا ينبغي الارتياب فيه ، وقد ادّعى في الجواهر في باب الشهادات عدم الخلاف فيه ، إنّما الإشكال في مطلب آخر لم أر من تعرّض له فيما بيدي من الكتب وهو أنّه هل الحرمة خاصّة بالاستماع وهو إحساس الصوت بالسامعة مع الداعي إليه ، أو هي عامّة له وللسماع وهو الإحساس لا بداعي الإحساس بل بمجرّد عدم الداعي إلى الكفّ عن الإحساس كما أنّ