الثانية : الغناء ينطبق على الكلام ويتّحد مصداقا معه وليس من قبيل الأسماء للكيفية القائمة بالكلام ، فلا يكون منطبقا على نفسه ، والشاهد على ما ذكرنا ملاحظة مرادفه في الفارسية وهو « سرود وخوانندگى » كما عن بعض أهل اللغة تفسيره بالصوت ، وعن آخر كلّ من رفع صوتا ووالاه فصوته عند العرب غناء ، فإنّ الصوت جنس للكلام فإنّه مركَّب من الكلمات ، والكلمة هي الصوت المعتمد على مخارج الفم ، بل عن الزمخشري تفسيره بالكلام . ويشهد له أيضا ما تقدّم في الخبر الثالث عشر : سألت أبا عبد اللَّه عليه السّلام عن الغناء وقلت إنّهم يزعمون أنّ رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم رخّص في أن يقال جئناكم جئناكم إلخ ، فإنّ الظاهر منه أن الغناء نفس القول المذكور . وبالجملة : حال سرود كحال درود ، فكما أنّ الثاني يحمل على الكلام ويقال هذا الكلام درود ، فالظاهر أن سرود أيضا كذلك ، وليس كحال المد والرفع والترجيع فإنّه لا يصحّ أن يقال : إنّ هذا الصوت مدّ أو رفع أو ترجيع ، بل كان الأستاذ - دام ظلَّه - مدّعيا لكون الغناء مأخوذا في مفهومه اللفظ فلا يتحقّق بالصوت المجرد ، وقد تقدّم ما يشهد به من قول الزمخشري وكلام الراوي بل يمكن الاستشهاد له أيضا بنفس هذه الأخبار المفسّرة لقول الزور وحديث اللهو بالغناء . إذا عرفت المقدمتين فنقول : مفاد الآيتين حسب المقدمة الأولى حرمة القول والحديث الباطل واللهو الأعم من اللهو باعتبار كيفية الأداء فقط وقد طبقه الأخبار على الغناء ، فالمستفاد منها كون الغناء من أفراد حديث اللهو ، وقول الباطل ، وإن لم ينضمّ إليه باطلية المدلول ، وقد عرفت في المقدمة الثانية انطباق الغناء على نفس الكلام ، والآيتان دالَّتان على حرمة الكلام اللهوي ، فيدلَّان على