حرمة الغناء أيضا لأنّه من أفراده ، فاندفع بذلك توهّمان : أحدهما : أنّه لا بدّ من التجوّز في لفظ الغناء بأن يراد به الكلام الذي يتغنى به حتى يصح جعله تفسيرا لقول الزور ولهو الحديث . فالمتحصل من الآية بعد التفسير حرمة الكلام اللهوي المتغني به فلا تدلّ على حرمة الكلام الغير اللهوي المتغني به . وقد عرفت دفعه في المقدمة الأولى . والثاني : أنّه وإن سلَّمنا أنّهما شاملان للكلام الغير اللهوي المتغني به لكنّهما تدلَّان على حرمة نفس الكلام وهو غير كيفيته القائمة به ، والمدعى حرمة نفس الكيفية وهي الغناء ، وقد عرفت دفعه في المقدمة الثانية . نعم يبقى هنا سؤال أنّ الآيتين لا يشملان الغناء بالكلام المهمل بل وبالكلمة باعتبار ظهور الحديث والقول في المستعمل والقضية لكنّه أيضا مدفوع بالقطع ببطلان القول بالفصل من هذه الجهة . ثمّ الظاهر من التفسير في آية * ( لَهْوَ الْحَدِيثِ ) * كون مطلق الغناء من لهو الحديث الذي يترتّب عليه الإضلال لا أنّه من مطلق لهو الحديث حتى ينقسم إلى قسمين قسم يراد به الإضلال ، وهو ما اكتنف منه بسائر المحرّمات من استعمال العود والمزمار وسائر آلات اللهو ودخول الرجال على النساء والتكلَّم بالأباطيل وغير ذلك ، وقسم لا يراد به الإضلال وهو الغناء المجرد عن المحرمات الخارجية . هذا مع أنّ هذا التوهّم لا يتأتّى في تفسير قول الزور فإنّه جعل مطلق الغناء من أفراده ، وكذلك في ما فسّر لا يشهدون الزور بلا يشهدون مجلس الغناء ، ولا شاهد فيهما على التقييد كما هو واضح .