أمّا السكوت فلأنّه قد أخذ في مفهوم الغشّ كونه أمرا وجوديّا والسكوت ليس إلَّا ترك الإعلام ولو كان هذا غشّا لما اختصّ ذلك بالبائع بل كلّ من له اطَّلاع على نقص المبيع فلم يعلم ، يلزم على هذا أن يكون غاشّا . نعم يصدق ترك النصح فإنّه عبارة عن جلب المنفعة ودفع الضرر وإرادة الخير وكراهة الشرّ للإخوان ، ويصدق في المقام على المطَّلع الساكت أنّه ترك نصح أخيه . ولكن الغشّ ليس عبارة عن ترك النصح ونقيضه بل هو ضدّ له ، وليسا من قبيل الضدّين اللذين لا ثالث لهما ، بل يمكن الخلو عنهما جميعا كما في المقام . وأمّا التصدّي للبيع فليس إلَّا نقلا للمال من ملكه إلى ملك آخر بإزاء الثمن ولا شبهة أنّ نفس هذا العنوان ما لم يقترن بأمر آخر موجب لصدق الغشّ ليس في حدّ نفسه غشّا ، فإذا فرضنا أنّه لم يقترن بإظهار السلامة ولا كان السكوت المقترن معه غشّا ، فلا معنى لكون نفس نقل المال وتبديل الملك بسببه من الإنشاء القولي أو الفعلي غشّا . وأمّا ما يقال من أنّ إطلاق العقد يقتضي الالتزام بسلامة المبيع من العيب ، فهو كما لو صرّح باشتراط الصحّة في ضمن العقد ، نعم لو تبرّى من العيوب أمكن أن يقال بأنّه لم يوقع المشتري في خلاف المصلحة . مدفوع بأنّه إن أريد أنّ إقدام البائع على البيع بدون التصريح بالتبرّي التزام منه بالسلامة ، فهو ممنوع لأنّ أصل الإقدام لا دلالة له على هذا الالتزام كيف وليس بأزيد من الإقدام على بيع هذه العين المشاهدة بما هي عليه من الحالات والصفات . نعم لا مضايقة من صدق الغش لو فرض أنّ اعتماد المشتري وثقته يكون على البائع وأنّه لا يبيع منه الشيء الناقص ، وعلم البائع من حاله ذلك أيضا ، وأين هذا من دعوى ذلك بقول مطلق . وإن أريد أنّ إقدام المشتري على الشراء كان لاعتماده على أصالة الصحّة