المقام الثاني [ في بيان حكم ما يأخذه القاضي ] الخبر الثالث عشر دال على أنّ سؤال الرشوة ممّن احتاج الناس إليه لتفقّهه حرام وظاهره كون المقابلة بين التفقّه والرشوة ، وبمناسبة الحكم والموضوع يفهم العرف من هذا الكلام أنّ التفقّه اعتبر الشارع فيه المجانية ولم يجوز أخذ العوض بإزائه بأي نحو كان سواء كان بعنوان الهدية كما هو الفرد الواقع للرشوة إذا كان مدفوعا بإزاء الحكم له من غير مبالاة بكونه حقّا أم باطلا ، أم كان بعنوان الأجرة أم بعنوان الجعل ، فلفظ الرشوة وإن كان خاصا لكن قرينة المقام شاهدة على عموم المناط ، ولفظ التفقّه بإطلاقه شامل للإفتاء والقضاء وتعليم المسائل . نعم لا يشمل إلَّا ما هو الحقّ في كل من الثلاثة ، فلا يشمل الرشوة بإزاء الحكم على الباطل وهو مضافا إلى اندراجه في قاعدة إذا حرّم اللَّه شيئا حرّم ثمنه ، أمكن التمسّك له بما تقدم على الثالث عشر من الأخبار ممّا اشتمل على قولهم : الرشا في الحكم أو في الأحكام سحت أو كفر ، فإنّ الأحكام المراد بها أحكام القضاة فيشمل الحقّ والباطل ، وكذلك يشمل هذه الطائفة الهدية التي تبذل قبل الحكم أو قبل المرافعة جلبا لقلب القاضي ، فإنّ قوله في الأحكام نظير قولك الإعطاء في اللَّه أي في سبيل اللَّه ، فالمراد في المقام في سبيل الأحكام ولا شبهة في شموله للفرض . ولا فرق في حرمة الرشا بين احتياج الناس إليه وعدمه واحتياج نفسه وغناه . نعم ، في غير مورد الرشا من الأجرة والجعل على الحكم بالحق فصّل بعضهم بين حاجة القاضي وعدم تعيين القضاء عليه وغيره ، فجوّزهما في الأولى دون الثانية كما حكي عن ظاهر المقنعة والقاضي الجواز مطلقا ، والمشهور المنع مطلقا ، بل حكي عن جامع المقاصد دعوى النص والإجماع ، والمدرك في المسألة بعد عدم