وأمّا في الثاني : فلا محذور عقلي أيضا في أن يجب عينا على أحد عمل بشرط أن يكون انتهاؤه بالأخرة إلى داع قربى ، فيكون الداعي القربي في نفس السبب محصلا لما هو المعتبر في الواجب على هذا ومسقطا له عن ذمّته . المقام الثاني : في تصوير العبادة على وجه النيابة عن الميت أو الحي فاعلم أنّ هنا ثلاثة وجوه : الأوّل : إهداء الثواب . والثاني : أداء الدين ، والمعتبر في هذين قرب الفاعل . والثالث : أن يكون الملحوظ قرب المنوب عنه . أمّا الأوّل : فأصل إهداء الثواب أمر ممكن . والإشكال المتصوّر في المقام في الصغرى ، وهو أنّه كيف يعقل حصول الثواب لشخص بامتثاله تكليفا متوجّها إلى الغير ، بل قد لا يكون حين العمل تكليف أصلا ، لا إلى العامل ولا إلى المنوب عنه ، كما إذا كان ميتا . والحاصل أنّ العبادة يعتبر فيها القرب ، والقرب على هذا الوجه قد لوحظ في النائب ، فكيف يمكن قربه بموافقة تكليف كان متوجّها إلى المنوب عنه حال حياته وسقط بعد مماته . فلا يتمشّى في حقّ النائب العبادة حتّى يحصل الثواب حتّى يهديه إلى المنوب عنه . ودفع هذا الإشكال سهل ، إذ القرب المعتبر في العبادة ليس مفهوما مخترعا شرعيا ، بل هو معنى يتفاهمه أهل العرف ، وهو كون شخص ذا وجه وذا مكانة عند من فوقه ، لا بمعنى علوّ الشأن ورفع المنزلة حتى يسقط عباداتنا الفاقدة لشرائط القبول عن درجة القرب المعتبر في الإجزاء ، بل بمعنى صدور عمل من