المقام الثاني [ في بيان المراد بالغناء المحرم ] لا إشكال في أنّ : كلّ صوت حسن بمجرّد كونه حسنا غير قبيح لا يندرج في اسم الغناء ولا حكمه ، كيف وقد عرفت الحثّ عليه في قراءة القرآن والدعاء في الأخبار المتقدمة وأنّه حلية القرآن . وكذلك كلّ صوت ممدود مرجّع فيه أعني مردد فيه في الحلق ، كيف وقد عرفت قوله عليه السّلام : ورجّع بالقرآن صوتك فإنّ اللَّه يحبّ الصوت الحسن يرجع فيه ترجيعا ، والعرف أيضا حاكم بعدم صدق اسم الغناء بمحض الترجيع في الصوت وأيضا قد يتحقّق الغناء ولا يتحقّق شيء من المد والترجيع ، فإنّ ما يقال له في الفارسية « تصنيف وپاطنبكي » لا شكّ في كونه من الغناء بل ومن أوضح أفراده مع ما ترى فيه من السرعة والخفّة ويمكن تحقّقه بلا ترجيع أصلا ، وكذلك كلّ صوت ممدود مرجّع فيه مطرب على ما فسّروا الاطراب به من كونه موجبا لخفّة عارضة على الإنسان من شدّة سرور أو حزن ، كيف وقد عرفت أنّ علي بن الحسين - صلوات اللَّه عليهما - كان يقرأ القرآن فربّما مر به المار فصعق من حسن صوته ، مضافا إلى أنّه قد لا يتحقّق الالتذاذ بسماع الصوت الحسن فضلا عن الخفّة والفتور مع القطع بتحقّق الغناء كما في بعض أفراد « تصنيف » . وإذن فالظاهر أنّه ليس هنا معيار خارجي راجع إلى كيفية في الصوت كان هو الفارق بين الغناء وسائر أفراد الصوت الحسن الممدوحة في الأخبار المتقدمة . وما يستفاد من كلمات شيخنا المرتضى - قدّس سرّه - من أنّ المعيار كونه مناسبا لآلات اللهو والرقص ولحضور ما تستلذّه القوة الشهوية من كون المغنّي امرأة أو أمردا ونحو ذلك أيضا ليس معيارا إذ على هذا ينحصر الغناء فيما يسمّى في الفارسية ب « تصنيف » أو ما هو أعمّ منه قليلا والمقطوع ظاهرا أوسعيّة دائرة