ثم تحول منه إلى الماء ثانيا فالإستصحاب لا يجرى لتعدد الموضوع وقاعدة الطهارة تجرى فإذا رجع بعد تغيير الموضوع لا يحكم عليه بالنجاسة فإذا شك فيه بعد الرجوع فقاعدة الطهارة جارية فإذا صعد البول ورجع يحكم بطهارته وهكذا القطرات الراجعة من الماء النجس وكذا عصارة العذرة لإستحالتها تطهر ويكون علاجا لبعض الأمراض والحاصل إن العرف في هذه الموارد وأمثالها يحكم بتعدد الموضوع وإن لم يكن بالدقة تعدد هذا . وعلى ما نقول من عدم الاستحالة فيشكل علينا ويكون العرق من الحمام والبول الراجع بعد التبخير وعصارة العذرة نجسا فإن تأبى ذلك فمن قال بحصول الاستحالة يكون قوله أشد منعا فإن القول بطهارة البول بعد الرجوع يأباه الطبع جدا [1] . وهنا شبهة وهي إن الكلام في المائعات النجسة أسهل منه في المتنجسة لأن الأعيان النجسة بالاستحالة تنقلب عنوان ما هو موضوع للحكم فيها فإن الخمر مثلا نجس لخمريته والبول نجس لبوليته والكلب نجس لأنه كلب فإذا صار الخمر خلا والبول صعد ورجع ولم يصدق عليه العنوان ( على إختلاف فيه ) وإذا صار الكلب ملحا فموضوع الحكم قد تغير فهو طاهر جزما بخلاف المائعات المتنجسة فإن الحكم لا يكون على عنوان من عناوينها إلا الجسمية فإن الخمر وغيره من الأعيان النجسة لا يكون نجسا لجسميته ولكن المتنجسات عرض النجاسة لجسمها وبالإستحالة لا يخرج الجسم عما هو عليه فإن الماء المتنجس إذا صار بخارا ورجع وصار ماءا لا يكون هذا التحول تحولا في جسميته فيشكل الأمر . ولذا أفتى الفقهاء بأن الخمر إذا تنجس بنجاسة عارضية مثل البول ثم صار خلا لا يطهر لأن النجاسة الذاتية رفعت بتغيير العنوان والعرضية يكون موضوعها باقية فلا يحكم بطهارته وهكذا سائر الموارد مثل ماء الحمام المتنجس إذا
[1] أقول إن العرف حيث يرى الموضوع منحفظا في البول عنده يحكم بنجاسته فإن لم يكن كذلك لا يأبى عن القول بالطهارة لاحتمال دخل التبخير في حصولها كما إذا صارت العذرة ترابا في الأرض .