ثم ادعى بعض الاعلام علما تفصيليا في المقام وهو أنه يقول العلم الإجمالي يكون طريقا على الواقع وهو الغصب والنجاسة فنعلم تفصيلا إن الوضوء فاسد أما للغصب أو للنجاسة . وفيه إن هذا عجيب [1] فلو لم يكن القائل من الاعلام ما كان قابلا للذكر لان هذا يلزم منه الدور لان تنجيز العلم يكون على فرض الواقع ويكون من أثره وكشف الواقع وأثره يتوقف على العلم فتحصل إن الكلام غير تام والحق هو ما ذكرناه من طريق التنجيز . وقد انقدح بما ذكر دليل من قال بصحة الوضوء وحرمة الشرب ولكن نذكره مستقلا لزيادة التوضيح فنقول دليل المفصل هو إن الغصب الواصل بوجوده الكذائي مانع عن صحة الوضوء ويوجب اجتماع الأمر والنهي والمقام لا يكون كذلك ضرورة إنه لا علم لنا بالغصب كما يكون في صورة العلم إجمالا بان أحد الكأسين غصب فحيث لا يكون لنا علم تفصيلي ولا إجمالي فأصالة الإباحة في هذا الطرف وقاعدة الطهارة في الطرف الأخر لا اشكال فيهما . وقد أجاب عنه بعض المعاصرين بأن الإشكال في باب اجتماع الأمر والنهي على الامتناع تارة يكون في حصول التقرب وأخرى في حصول القرب فان كان المناط على الأول فيمكن أن لا يكون الغصب بوجوده الواقعي مؤثرا وأما إن كان المناط على الثاني فالغصب بوجوده الواقعي يمنع القرب لأنه يكون دائرا مدار الواقع ويرجع إلى أن انقداح الداعي في نفس المولى هل يمكن أم لا ؟ فهل يكون لهذا الوضوء أمر أم لا ؟ .
[1] أقول هذا النحو من التكليف لا يدور مدار الغصب الواقعي فإنه بصرف العلم الإجمالي يمكن أن يكون مراده أن مقتضى تنجيزه العلم التفصيلي بالبطلان .