الأولى : صراحتها في ترتب السقوط على مجرد الافتراق بلا دخل للرضا فيه لقوله ( عليه السلام ) : " ليجب البيع حين افترقنا " ، فإنه صريح في أن المدار على الافتراق بما هو ، وحيث أن الرواية تتكفل بيانا لقضية خارجية فلا إطلاق لها كي تقيد بمثل رواية الفضيل الدالة على اعتبار الرضا . الثانية : ظهورها في كون افتراق الإمام ( عليه السلام ) في ظرف غفلة الطرف الآخر بحيث كان اغفاله مقصودا لأجل لزوم البيع ، ومن الواضح أنه لا رضا مع الغفلة لخروج الغافل عن مقسم الرضا وعدمه ، فتدل هذه النصوص على سقوط الخيار بالافتراق مع عدم تحقق الرضا من أحد الطرفين . وهذا يتنافى مع رواية الفضيل كما تقدم بيانه لدلالتها على اعتبار رضا كل منهما في سقوط خيار نفسه . وقد عرفت أن التنافي بينهما يتفرع على حمل رواية الفضيل على المعنى الخامس من المعاني المتقدمة من كون الافتراق بملاحظة كشفه النوعي عن الرضا موجبا للسقوط . وأما لو كان المراد بها بيان اعتبار الرضا حدوثا في صحة المعاملة ، كما هو المعنى الأول . أو المراد بها بيان أن الرضا التزام عملي كما اختاره الأصفهاني ، فلا تنافي بينهما . وهذان المعنيان وإن كان كل منهما خلاف الظاهر كما عرفت ، إلا أنه لا بد من حمل النص على أحدهما جمعا بينه وبين هذه النصوص الصريحة في عدم اعتبار الرضا في سقوط الخيار بالافتراق . فلاحظ . ثم إن الشيخ ( قدس سره ) [1] تعرض في المقام إلى الجمع بين كلمات الأعلام ودفع التهافت بينها وبيان المراد منها . وهذا الأمر لا يهمنا في مثل هذه المسألة مما تتوفر فيها الأدلة الواضحة الصريحة . نعم قد يحتاج إلى ذلك في المسائل التي لا يتوفر فيها الدليل الواضح ، فيمكن أن يستنتج من كلمات الأعلام دليل في المسألة ،
[1] الأنصاري ، الشيخ مرتضى : المكاسب ، ص 323 ، الطبعة الأولى .