الفرق بينها فيما يرجع إلى ما نحن فيه ، كما ارتكبه المحقق الأصفهاني ( رحمه الله ) [1] ، فإنه ذكر تحقيقا دقيقا في الفرق بين الاستناد في اعتبار الرضا إلى حديث الرفع وبين الاستناد إلى غيره من الوجوه . بل الكلام يقع في خصوص ما يستفاد من رواية الفضيل . ولا يخفى أن الخيار الثابت للمتبايعين إنما يثبت لهما بنحو العموم الاستغراقي بمعنى أن لكل واحد من المتبايعين خيارا مستقلا لا أن هناك خيارا واحدا يثبت لهما معا . وعلى هذا ، فإذا دل الدليل على كون المسقط لخيارهما هو افتراقهما ، فبمقتضى المقابلة بين الأمرين - الذي هو من قبيل مقابلة الجمع بالجمع - هو كون تفرق كل منهما مسقطا لخيار نفسه لا خيارهما معا . وقد أفاد حديث الفضيل أن الرضا معتبر في سقوط الخيار بالافتراق ، ومقتضى ما عرفت يكون الافتراق الاختياري - في مقابل الاكراهي - من كل منهما موجبا لسقوط خيار نفسه لا خيارهما معا . هذا ما يستفاد من حديث الفضيل . لكن مقتضى النصوص الواردة في فعل الإمام ( عليه السلام ) ومشيه خطوات بقصد ايجاب البيع - كرواية محمد بن مسلم [2] قال : " سمعت أبا جعفر ( عليه السلام ) يقول بايعت رجلا فلما بايعته قمت فمشيت خطا ثم رجعت إلى مجلسي ليجب البيع حين افترقنا " وغيرها - هو عدم اعتبار الرضا من أحدهما في سقوط الخيار بافتراقهما . وبذلك تتحقق المعارضة بين هذه النصوص ورواية الفضيل ، وقد أشار الشيخ ( قدس سره ) إلى ذلك وذهب إلى تقديم هذه النصوص بلا أن يذكر وجه تقديمها ، كما أن المحقق الأصفهاني ( رحمه الله ) تعرض إلى تحقيق المسألة بالتفصيل وأشار إلى المعارضة بين النصوص والرواية ولم يتعرض إلى ما به علاج المعارضة . وعليه ، فنقول : إن هذه النصوص تتنافى مع رواية الفضيل من جهتين :
[1] الأصفهاني ، الشيخ محمد حسين : حاشية المكاسب / كتاب الخيارات ، ص 30 ، الطبعة الأولى . [2] وسائل الشيعة : ج 12 / باب 2 من أبواب الخيار ، ح 3 .