وبذلك نستكشف أن موضوع وجوب الوفاء هو العقد حدوثا لا بقاءا واستمرارا . فالوفاء بالعقد من قبيل القسم الثاني من الأقسام الثلاثة لارتباطه بالعقد وإضافته إليه لكنه يصدق فعلا ولو لم يبق العقد . ولا يخفى أن ما ذكرناه وإن كان يتفق مع ما ذكره المحقق الإيرواني في الدعوى ، إلا أن دليل المحقق الإيرواني ( رحمه الله ) غير سديد ، كما بيناه ، فراجع . وعلى كل ، فدعوى دلالة الآية الكريمة على أصالة اللزوم متينة جدا . الثاني : قوله تعالى : * ( وأحل الله البيع ) * [1] . وتحقيق الكلام فيها : إنه قد ذكر للحلية احتمالات ثلاثة : الأول : إرادة الحلية الوضعية . الثاني : إرادة الحلية الجامعة بين الوضعية والتكليفية . الثالث : إرادة الحلية التكليفية ومتعلقها هو التصرفات المترتبة على البيع ، وهو ما ذهب إليه الشيخ ( قدس سره ) [2] . وههنا احتمال رابع لم يذكره أحد فيما نعلم ولكنه أقرب من غيره بنظرنا ، وهو أن يراد بالبيع الكناية عن الربح الحاصل به والفائدة المترتبة عليه . والحلية تكليفية متعلقة بها لبا ، وتعلقها بالبيع لفظا بلحاظها ، نظير موارد ترتيب أحكام المسبب على السبب لفظا . والقرينة على هذا الاحتمال هو مقابلة البيع مع الربا في المشابهة . ولا يخفى أنه لا وجه للتشبيه ما لم يرد ما ذكرنا ، إذ الربا عبارة عن الزيادة ، فكأن الخصم يقول ما الفرق بين هذه الزيادة والزيادة الحاصلة بالبيع خصوصا في مثل بيع النسيئة بثمن زائد على ثمن المثل ، فإن جهة الزيادة في الثمن لا تختلف عن جهة الزيادة المجهولة في القرض الربوي ، فإنهما بملاك واحد . وإلا فأي معنى للتشبيه بين البيع بمعنى العقد وبين الربا بمعنى الزيادة .
[1] سورة البقرة ، الآية : 275 . [2] الأنصاري ، الشيخ مرتضى : المكاسب ، ص 83 ، الطبعة الأولى .