فإنه يقال : إن الاستيفاء . . إما حقيقي وهو يتحقق تدريجيا آنا فآنا لتدرج المنفعة ، فالمنفعة المستقبلة لا يعقل استيفائها حقيقة من الآن . وعليه ، فلا استيفاء حقيقي بالنسبة إلى منفعة الأرض . وإما اعتباري يرجع إلى المعاوضة عليها بالإجارة ، ولا ثبوت له ههنا . إذن ، فلا استيفاء للمنفعة لا حقيقة ولا اعتبارا . هذا ، ولكن هذا البيان لاثبات استحقاق أرش التفاوت إنما يتم بناء على عدم جواز قلع الغرس للمالك لتصير العين بذلك مسلوبة المنفعة ، ولكن قد عرفت أنه يجوز للمالك القلع . وحينئذ فلا تكون العين مسلوبة المنفعة لتمكنه من استيفاء منفعتها بعد القلع . وعليه ، فلا يصح البيان المذكور ، فلاحظ . هذا تحقيق الكلام في أصل المطلب . ويقع الكلام بعد ذلك في كل فرع من الفروع المتقدمة على حدة . . أما صورة انتقال العين بالعقد الجائز ، فقد يقال فيه بثبوت حق لمالك الأرض في القلع لأن الغارس حين الغرس كان يحتمل انفساخ العقد فقد أقدم على الضرر . وقاعدة نفي الضرر لا تجري في صورة الاقدام على الضرر ، فقلع الغرس وإن كان ضرريا على الغارس لكنه حيث أقدم عليه لم تشمله قاعدة نفي الضرر ، فسلطنة المالك على ماله محكمة . وأجيب عنه : أولا : بأنه قد يكون الغارس جاهلا بثبوت الخيار . وثانيا : أنه مع العلم قد يقدم على الغرس برجاء عدم إعمال الخيار أو الابقاء بالأجرة . وثالثا : أن الغرس ليس بضرري بل القلع ضرري ، وهو إنما أقدم على الغرس ولم يقدم على القلع ، بل نقول : إن الاقدام على الضرر إنما يتحقق بلحاظ جواز القلع الثابت للمالك إذ مع المنع من قلعه لا يكون الاقدام على الغرس إقداما على الضرر . وعليه ، فيمتنع أن يكون جواز القلع وتخليص ماله مترتبا على الاقدام على الضرر المدعى .