وبتعبير آخر : إذا كان الغارس يعلم بعدم جواز قلع غرسه بعد الفسخ لا يكون غرسه إقداما على الضرر ، فتدبر . وأما صورة العارية ، بأن أعاره الأرض فغرس فيها المستعير ، فقد يقال إن إذنه في الانتفاع بها في الغرس ظاهر في الانتفاع الطويل الأمد لطول بقاء الغرس ، فلا يحق له قلع الغرس بعد رجوعه بالعين . ولكن هذا القول غير صحيح ، إذ يمكن أن يكون إذنه في الانتفاع موقتا مع بنائه على الرجوع بالعين وإجراء ما تقتضيه الموازين والقواعد الشرعية بالنسبة إلى الغرس ، بل لو ظهر إذنه في الاستمرار لم يثبت عدم جواز الرجوع إذ له حق الرجوع بما أذن فيه ، فيحق له قلع الغرس بحسب ما تقدم من الموازين المشروعة . وأما صورة الانتقال بالعقد اللازم ثم عروض الفسخ عليها ، كمورد التفليس ، فقد حكى الشيخ ( قدس سره ) [1] عن الأكثر عدم جواز قلع الغرس حتى مع الأرش . ثم إنه ذكر وجها للفرق بين الموردين - أعني مورد العقد المتزلزل وهو موضوع البحث ومورد العقد اللازم - : بأن ملك الغرس فيما نحن فيه حدث في ملك متزلزل فحق المغبون تعلق بالأرض قبل الغرس ، بخلاف صورة العقد اللازم فإن التزلزل حادث بعد الغرس فيكون شبيها ببيع الأرض المغروسة التي لا خلاف في عدم جواز قلع الغرس فيها ولو مع الأرش . لكن أورد عليه : بأنه لا فرق بين سبق تعلق الحق وعدمه في جواز القلع وعدمه ، فالمناط في جواز القلع أو عدم جوازه في مورد العقد المتزلزل يأتي في مورد العقد اللازم بعد الفسخ ، فلاحظ . وأما مسألة بيع الأرض المغروسة ، فهي تختلف عن مسألة الفسخ لأن بيع ذات الأرض واستثناء الشجر ظاهر في بقاء الغرس على حاله وأن المبيع هو الأرض مسلوبة المنفعة ، نظير ما إذا أشتري العين مسلوبة المنفعة بالإجارة لمدة معينة ، فتدبر .
[1] الأنصاري ، الشيخ مرتضى : المكاسب ، ص 241 ، الطبعة الأولى .