وأخرى : يقع البيع بين اثنين لا اجتماع بينهما حال البيع ، كما لو كان كل واحد منهما في مدينة غير مدينة الآخر وعقد البيع بواسطة الهاتف . فالكلام في هذه الجهة يقع في أنه هل يعتبر الاجتماع في ثبوت الخيار أو لا يعتبر ، بل يثبت الخيار في مطلق البيوع ويزول بزوال الهيئة التي كان عليها المتبايعان ؟ والظاهر هو الأول ، لأن نصوص الباب دلت على ثبوت الخيار مقيدا بعدم الافتراق أو مغيى بالافتراق وظاهر ذلك هو فرض موضوع الخيار ما يقبل طروء وصف الافتراق عليه ، ولازمه أخذ عنوان الاجتماع ، إذ الافتراق لا يصدق خارجا إلا بزوال وصف الاجتماع ، ولا يصدق بزوال كل هيئة كان عليها المتبايعان ولو كانا بعيدين غاية البعد ، ولو فرض أنه يصدق فهو صدق دقي لا عرفي ، بل هو خلاف المتفاهم العرفي من لفظ الافتراق . وعلى ما ذكرنا يشكل الالتزام بثبوت الخيار لو أوقعا البيع وهما جالسين في غرفتين متلاصقتين من طريق النافذة الموجودة بين الغرفتين . لعدم تحقق الاجتماع بين المتبايعين ، ونحوه في الاشكال ما إذا أوقعا البيع وهما في سفينتين متلاصقتين . فتدبر . ولم يتعرض الشيخ ( قدس سره ) إلى هذه الجهة أصلا وإنما تكلم فيما يتحقق به الافتراق مع أنها دخيلة في الجهة الآتية كما سيتضح انشاء الله تعالى . الجهة الثالثة : فيما يتحقق به الافتراق ، والأقوال التي أشار إليها الشيخ ( قدس سره ) ثلاثة : الأول : أدنى الانتقال ولو كان أقل من خطوة . الثاني : الخطوة فما زاد ، فلا يتحقق بأقل منها . الثالث : عدم كفاية الخطوة واعتبار خطوات . والتحقيق : أنه بعد إن عرفت أن المراد بالافتراق ما يقابل الاجتماع بحيث يرتفع صدق كونهما مجتمعين ، لم تكن الخطوة كافية في تحققه لعدم انتفاء صدق