نام کتاب : القضاء في الفقه الإسلامي نویسنده : السيد كاظم الحائري جلد : 1 صفحه : 214
الحاكم إجراء الحد على المرتكب الواقعي لما فيه الحد ، لأن تلك الأدلة منصبة على عنوان فاعل الفعل كالسارق والزاني ، فمتى ما علم الحاكم بتحقق العنوان فقد علم بضرورة إجراء الحد ولو لم تقم بينة ، إذن فللحاكم أن يعمل بعلمه في باب الحدود ، ثم نتعدى إلى غير باب الحدود بالأولوية . أقول : الحد الراجع إلى حق الله تعالى كما في حد الزنا لا يمكن التعدي منه إلى حقوق الناس ، إذ من المحتمل كون علم القاضي حجة فيه وغير حجة في حقوق الناس ، كما يحتمل العكس أيضا . أما بناء على كون حد السرقة أو حد القذف مثلا من حقوق الناس فيمكن التعدي من ذلك إلى غير باب الحدود . الدليل السابع - أن يقال : إن الأدلة التي جعلت البينات والأيمان ونحوهما مقياسا للقضاء مقتضى إطلاقها كون واقع تلك الأمور مقاييس تامة ، أي أن القاضي سيقضي وفق علمه بها ولو أنكرها أحد الخصمين ، ولا يحتمل العرف الفرق بين علم القاضي بالبينة أو اليمين أو علمه بالواقع رأسا ، فإذا كان علمه بمثل البينة أو اليمين حجة ، ولا يطالب بالإثبات ، كذلك علمه بالواقع يكون حجة بالدلالة الالتزامية العرفية لدليل حجية علمه بالبينة واليمين . إلا أن هذه الدلالة الالتزامية العرفية التي يمكن دعواها في المقام ليست بذاك المستوى من الوضوح ، إذ لا بد - في نهاية الأمر - من رجوع إلى علم القاضي ولو في خصوص الكشف عن تحقق مقاييس القضاء كي تستقر الأمور ، فلعله اقتصرت الشريعة في مقام الاستناد إلى علم القاضي على أقل مقدار ممكن في نظرها ، وهو الاستناد إلى علم القاضي بتحقق المقاييس والتي تقل نسبة وقوع الخلاف فيه بالقياس إلى نفس الواقع الذي كان المفروض عادة الخلاف بين الخصمين بلحاظه ، فلعله لم تعط للقاضي صلاحية الاستناد إلى علمه في الدائرة الواسعة ، وأعطتها في الدائرة الضيقة كي تنتظم الأمور وتستقر .
214
نام کتاب : القضاء في الفقه الإسلامي نویسنده : السيد كاظم الحائري جلد : 1 صفحه : 214