نام کتاب : القضاء في الفقه الإسلامي نویسنده : السيد كاظم الحائري جلد : 1 صفحه : 114
والنكتة في ذلك أن ظاهر إعطاء مقياس للمخاطبين للكبيرة والصغيرة هو إرادة إعطاء مقياس مضبوط ومفهوم عند المخاطبين يمكن لهم الرجوع إليه لتشخيص الحال ، بينما السنة ليست محصورة وموجودة بتمامها عند المخاطبين عادة ، كي يمكن إرجاعهم إليها كضابط ، وهذا بخلاف القرآن الكريم . فهذه هي نكتة الانصراف إلى ما قلناه . إلا أنه قد يقال : إنه لو كان المقياس هو الوعيد في القرآن بالنار لانتقض ذلك ببعض المعاصي التي لم يرد في القرآن وعيد بالنار عليها ، ولا شك فقهيا ، أو إسلاميا في كونها من الكبائر من قبيل اللواط ، وشرب الخمر . وقد يقال في الجواب : إن عنوان ما أوعد الله عليه النار الوارد في الروايات إشارة إلى مفهوم عرفي راجع إلى تفسير الكبيرة والصغيرة ، ومتعارف بين الموالي والعبيد العرفيين . توضيحه : أن أوامر المولى ونواهيه لها محركية ذاتية للعبد إذا كان يحب مولاه ، وهي محركية عاطفية ، ولها محركية ذاتية عقلية للعبد إذا كان يعترف لمولاه بالمولوية الحقيقية ووجوب الطاعة ، أو اجتماعية إذا كان يعترف له بالمولوية الاجتماعية ، وهذه المحركيات الذاتية قد لا تكفي لتحريك العبد ، وعندئذ إن كان اهتمام المولى بالقضية كبيرا يوعده بالعذاب على تقدير عدم الامتثال ، وقد يعذبه بالفعل عند المخالفة ، وإن كان اهتمامه بها ليس كبيرا يغض النظر عن العبد حينما يراه مخالفا ولا يعاقبه ، إلا إذا رأى منه إصرارا على ذلك ، أو رآه يضم هذه المخالفة إلى المخالفات الكبيرة ، فقد يعاقبه على الصغيرة أيضا . والمفهوم عرفا من العفو عن الصغائر عند اجتناب الكبائر وعدم الإصرار هو هذا المعنى ، فلا ينبغي أن نجمد في فهم مقياس ما أوعد الله عليه النار على فرض الوعيد الصريح ، بل تهويله - تعالى - في كتابه لمعصية ما يفهم منه بناء على هذا الفهم العرفي الذي شرحناه الوعيد بالنار ، وعليه فمثل اللواط الذي تكرر فيه ذكر قصة لوط ( عليه السلام ) في القرآن الكريم وتأنيبه
114
نام کتاب : القضاء في الفقه الإسلامي نویسنده : السيد كاظم الحائري جلد : 1 صفحه : 114