وهذا هو الأظهر إن شاء الله تعالى - سواء كانت الوصية تبرعية أو بأخذ عوض - خلافا لما ذكرناه في الجزء الأول والثاني من كتابنا حدود الشريعة قبل سنوات ، وأما في غير الوصية ففيه إشكال أو منع [1] ، بل ربما يشكل القطع في فرض توقف حياة أحد بالفعل عليه ، لان وجوب حفظ نفس محترمة بهذا النحو لم يثبت في حق الاحياء حتى يجوز أو يجب في المقام ، فتأمل ، والله العالم . ولكن غير واحد من فقهائنا المعاصرين أجازوا قطع أعضاء الميت ، عند حفظ النفس المحترمة عن الهلاك [2] . وأما جواز القطع بإذن أولياء الميت في فرض عدم وصيته به ففيه نظر أو منع لعدم شمول ولايتهم لمثل ذلك فلا عبرة باذنهم . فإن قلت : مقتضى انصراف الأحاديث المتقدمة هو عدم حرمة القطع على القاطعين ان صح الوصية لا جواز الوصية أي صحتها . قلت : إن سلطة الانسان على ماله وبدنه ثابتة ببناء العقلاء وانما منعنا جواز قطع بعض الأعضاء وترددنا في جواز قطع بعض الأعضاء الآخر في حال الحياة لدليل خارجي مفقود في حال الموت ، فإنه فرق كثير بين الحالتين ولا موضوع للضرر بعد الموت ، فلاحظ وتدبر ، وسيأتي ما يتعلق به في المسألة الخامسة والعشرين . وعلى كل صرح السيد الأستاذ الخوئي قدس سره بعدم وجوب الدية على من قطع عضو الميت بوصية منه [3] .
[1] ان كثير من الناس يحتاجون إلى زرع القرنية وإعطائهم النور . فلو جاز قطعه بلا وصية لاستفاد منها المحتاجون . [2] لاحظ فتاويهم في كتبهم الفتوائية . [3] توضيح المسائل ص 560 .