الناس في زمرة الخواطر والأوهام انه يلزم على هذا ان تصدر هذه الممكنات والموجودات التي لا تعد ولا تحصى من غير الحق جل شأنه فلا بد حينئذ اما من الالتزام - العياذ بالله - بالشريك للحق سبحانه في الخلق والايجاد وامّا القول ببطلان القاعدة المذكورة . ودفع هذا التوهم بأنه مع القول بان الواحد لا يصدر عنه إلا الواحد نقول أيضاً ان جميع الموجودات والكائنات من عالم النفوس والاملاك والأفلاك والعناصر جزئية وكلية بكافتها من أولها إلى آخرها صادرة عن حضرة الحق جل جلاله وقد أشرنا فيما سبق بأن لا مؤثر في الوجود إلا الله وهذه الكثرة ليست منافية للوحدة بل الكثرة مؤكدة للوحدة [ وَمَا أَمْرُنَا إِلاَّ وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ ] [1] ولكن لمسألة صدور الكثرة عن الوحدة وربط الحادث بالقديم مباحث مفصلة ومسائل متنوعة وهي من معظم المسائل الحكمية وصنف الحكماء في خصوصها كتب ورسائل مستقلة وهي تبتني على مقدمات كثيرة ولا يسع المقام لذكر واحد منها فضلاً عن جميعها ولكن نشير اجمالاً إلى محصلها أو نتيجة تلك المقدمات هي ان الصادر الواحد الذي نعبر عنه بالنفس الرحماني ، ورحمة التي وسعت كل شيء ، والحق المخلوق به ، هو هذا الواحد الجامع لجميع الوجودات والموجودات كلها ما هي إلا واحد صدر من واحد ولكن مع وحدته وتمام بساطته محيط ومستوعب لجميع الموجودات من العقل العلوي إلى العالم السفلي ومن العقل المجرد إلى الهيولي العنصري والكثرات الواقعة في البين كلها عرضية وموجودة بالتبع ومنتزعة من الحدود والاعتبارات للوجود ، فالوجود للوجود والعدم للعدم وكل شيء يرجع إلى أصله - وكل شيء هالك إلا وجهه - ووجه وجود