أو عود البدن إلى الروح نوعاً من التناسخ ويشهد له ما قيل : من انه من دين من الأديان إلا وللتناسخ فيه قدم راسخ وقد قامت الأدلة العقلية والنقلية على بطلان التناسخ بجميع أنواعه ولكن من عرف معنى التناسخ عند القائلين به يتضح له جلياً انه لا مجال لورود هذه الشبهة أصلاً فأن التناسخيين يقولون : ان عالم الكون والفساد محدود لا يزيد ذرة ، ولا ينقص شعرة ، وما الدنيا عندهم إلا جمع متفرقات ، أو تفريق مجتمعات ، وهذا العالم المحسوس ما هو إلا عناصر امتلأ بها الفضاء تجتمع فتصير أجساماً ، وتتفرق فتصير غازاً ، أو بخاراً ، أو سديماً أو سحاباً ، ثم تجتمع مرة أخرى فتصير انساناً أو حيواناً وهكذا ، ثم ان النفوس أيضاً أرواح من الأزل محدودة لا تزيد ولا تنقص تدخل واحدة منها في جسم قد استعد لقبول روح انسانية أو حيوانية أو نباتية ، وبحسب ما اكتسب من خير أو شر ، إذا فارقت هذا الجسد دخلت في جسد آخر انساناً أو حيواناً ؛ معذبة أو منعمة ، وهكذا ما تزال منتقلة إلى الأبد ان صح أن يكون للأبد غاية أو يكون هو غاية ولذا جعلوا للتناسخ أربعة أنواع فسخ أو مسخ أو فسخ أو رسخ [1] فالعمود الفقري للتناسخ هو انتقال الروح من بدن إلى آخر في هذه الحياة الدنيا . اما المعاد الجسماني في الاسلام فحبل وريده انتقال الروح أو عود
[1] ( النسخ ) : في اصطلاح الحكماء والمتكلمين عبارة عن انتقال النفس الناطقة الانسانية بعد الموت من بدن انساني إلى بدن انساني آخر ، و ( المسخ ) : انتقال النفس من بدن الانسان إلى بدن حيوان آخر غير الانسان و ( الفسخ ) : انتقال النفس من بدن الانسان إلى جسم نباتي ، و ( الرسخ ) : انتقال النفس الانسانية إلى جسم معدني ، وأخس هذه المراتب الأربعة هو المرتبة الرابعة كما ان أخس مرتبة النفس هو المرتبة الجمادية المسلوبة عنها جميع الكمالات الحسية والعقلية فان للنفس مراتب وهي متدرجة في الكمال والنقص والشدة والضعف وأكمل تلك المراتب مرتبة النفس الناطقة الانسانية التي هي الجوهر النفيس الرباني ثم النفس الحيوانية التي ليس لها قابلية الترقي والتقدم في الفضائل والكمالات سوى ادراك المحسوسات والشهوات البدنية ثم النفس النباتية الفاقدة لمرتبة الإحساس والإدراك وليس لها سوى قوة التغذية والتنمية ثم مرتبة الجمادية التي عرفت انها أخس المراتب وأسفلها والإنسان جامع لجميع تلك المراتب وخواصها موجودة فيه ولذا تظهر آثارها منه قال تعالى : [ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً ] سورة الأسراء آية : 70 . القاضي الطباطبائي