المزايا وامتاز بذلك عن سائر الأتربة فرجوعه إلى الروح التي معها تمام الأنس وأقوى العلاقة بل لا تزال العلاقة ثابتة فضعفت ثم تضاعفت أهون من انشاء الروح من التراب أي البدن الذي لم تكن لها به أي علاقة سابقة حسبما عرفت من ان النفس جسمانية الحدوث روحانية البقاء إذاً فما ابعد الفرق بين المقامين وهل من شك بأن النشأة الثانية أهون النشأتين . وقوله ( عليه السّلام ) : ويعود تراباً كما منه خلق لعله يشير إلى ناحية من تلك الجوهرة يعني يصير تراباً كالتراب الذي خلق منه وحق المعنى ان يقال : يعود إلى التراب الذي خلق منه ولكن حيث ان التراب الذي خلق منه قد اكتسب من ملابسة الروح في النشأة ملكات وكمالات كانت فيه على نحو الاستعداد فصارت على نحو الفعلية لذا قال ( عليه السّلام ) : كما منه خلق أي كالتراب الذي خلق منه من حيث نوعه لا من خصوصياته أو من حيث ان طريق نزوله كطريق صعوده فتدبّر جيداً . قوله ( عليه السّلام ) : وما تقذف به السباع إلى الآخر إشارة إلى دفع شبهة الآكل والمأكول وان التغذية والنمو في الأجسام ليس بصيرورة المأكول جزءاً من الآكل بل هو معد لإفاضة النفس الكلية بمشيئته تعالى صورة أخرى عليه بدلاً عما تحلل من ذلك الجسم فالمراد ان جميع الصور المفاضة المتعلقة كلها محفوظة في التراب عند ربِّ الأرباب . قوله ( عليه السّلام ) : ( وان تراب الروحانيين بمنزلة الذهب في التراب ) لعله إشارة إلى ان النفوس القادسة التي بلغت أقصى مراتب الصفاء والتجرد حتى تجردت أجسامها وصارت أرواحاً لا تبلى ولا تتغير كالذهب الذي لا يغيره