ولا يقدر على التخلص منها فيكون من الهالكين كما هلك إبليس اللعين بشبهة خلقتني من نار وخلقته من طين ، فالأولى بل الأسلم هو الالتجاء إلى العلم الحاصل من النقل من كتاب وسنة واعتبارات يستفاد من مجموعها اليقين بأن المعاد الجسماني مثلاً من أصول الدين ويلتزم به ويقف عند هذا الحد وعلى هذه الجملة والأجمال لا يتجاوزه إلى تفاصيل الأحوال ، اما الاستدلال عليه كما قد يقال : بأنه ممكن عقلاً وقد أخبر به الصادق الأمين فيجب تصديقه فهو دليل لا مناعة فيه لدفع الأشكال فأن المانع يمنع الصغرى ويدعى انه ممتنع عقلاً اما لاستحالة إعادة المعدوم أو لغير ذلك من المحاذير المعروفة وحينئذ فإذا ورد ما يدل عليه بظاهر الشرع فاللازم تأويله كي لا يعارض النقل دليل العقل كما في سائر الظواهر القرآنية مثل يد الله فوق أيديهم والرحمن على العرش إلى كثير من أمثالها مما هو ظاهر في التجسيم المستحيل عقلاً إذاً أليس الأسد والأسعد للإنسان القاعة بالسنة والقرآن وترك البحث والتعمق وطلب التفصيل في كل ما هو من هذا القبيل ؟ ولعل هذا المراد من الكلمة المأثورة ( 2 ) « عليكم بدين العجائز » أي اعتقاد الطاعنين أو
( 1 ) مراد شيخنا الإمام دام ظله من كون تلك الكلمة مأثورة هو كونها مأثورة عن بعض السلف لا انها مأثورة بهذه العبارة عن أحد المعصومين ( عليهم السّلام ) لأنها ليست من المأثورات عن النبي ( ص ) أو أهل بيته ( عليهم السّلام ) ولم يروها أحد من المحدثين بطرق أصحابنا الأمامية أو بطرق أصحابنا الأمامية أو بطرق أهل السنة في الجوامع الحديثية عنهم صلوات الله عليهم كما حققنا ذلك تفصيلاً في بعض مجاميعنا . وقال الحافظ أبو الفضل محمد بن احمد المقدسي في كتابه ( تذكرة الموضوعات ) ص 40 ط 2 مصر سنة 1354 ( عليكم بدين العجائز ليس له أصل رواية صحيحة ولا سقيمة إلا لمحمد بن عبد الرحمن البيلماني بغير هذه العبارة له نسخة كان يتهم ) . وذهب جماعة من العلماء كالشيخ البهائي وتلميذه الفاضل الجواد والفاضل المازندراني إلى ان تلك الكلمة من كلام سفيان الثوري من متصوفة العامة وقال القوشجي في شرح التجريد ان عمرو بن عبيدة لما أثبت منزلة بين الكفر والأيمان فقالت عجوزة : قال الله تعالى : هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن فلم يجعل الله من عباده إلا الكافر والمؤمن فقال سفيان : عليك بدين العجائز وقال المحقق القمي ( قده ) صاحب القوانين ( المذكور في الألسنة والمستفاد من كلام المحقق البهائي ( قده ) في حاشية الزبدة ان هذا هو حكاية دولابها وكف اليد عن تحريكها لاظهار اعتقادها بوجود الصانع المحرك للأفلاك المدبر للعالم ) وحكى سيد الحكماء السيد لداماد ( قده ) في ( الرواشح السماوية ) ص 202 ط طهران عن بعض العلماء ان ( عليكم بدين العجائز ) من الموضوعات وعن كتاب ( البدر المنير ) انه لا أصل له بهذا اللفظ . ولكن روى الديلمي مرفوعاً إذا كان في آخر الزمان واختلفت الأهواء فعليكم بدين أهل البادية والنساء قفوا على ظواهر الشريعة وإياكم والتعمق إلى المعاني الدقيقة أي فإنه ليس هناك من يفهمها انتهى . القاضي الطباطبائي