( لبيك اللهم لبيك لا شريك لك لبيك ) كأنه يجيب داعياً ، ويخاطب منادياً ، نعم يجيب داعي الضمير ، وخطاب الوجدان خطاباً يجيب به نداء ربه ، وأذان أبيه إبراهيم ، ودعوة نبيه محمد ( ص ) أتراه كيف يتجرد من الدنيا ويتحلى عن الروح الحيوانية فيصير روحاً مجرداً ، وملاكاً بشراً فيحرّم على نفسه التمتع حتى من النساء والطيب والطيبات ، بل حتى العقد على النساء ويحرم عليه ان يؤذي حيواناً ، ولو من الهوام وان يصيد صيداً ولو من الأنعام ، وان يقطع شجراً ؛ أو يقطع نباتاً ، وإذا عقد على امرأة في احرامه حرمت عليه أبداً ، أرأيته حين يطوف حول الكعبة رمز الخلود ، ومركز الأبدية وتمثال العرش الذي تطوف حوله الملائكة [ وَتَرَى الْمَلاَئِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ ] [1] طالباً ان تفتح أبوابها فتدخل في فردوسها الأبهى ، ويخلد في نعيمها الأبدي ، مع الخالدين ، أتراك حين يبتدئ بطوافك من الحجر فتلمسه قاصداً أنك تبايعه وتأخذ العهد منه وتقبله كأنك تقبل يد الرحمن ، وإنه قد نزل أبيض من اللجين ولكن ذنوب العباد كسته حلة السواد كناية انه تحمل ذنوبهم وتعهد بغفرانها من خالقهم ، أرأيت كيف ينقلب الطائف حول الكعبة بعد الفراغ من طوافه إلى مقام إبراهيم فيصلى فيه إشارة إلى انه بعد طوافه على القلب قام مقام أبيه إبراهيم في دعائه إلى الرب واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم ، أتراه حين ينفلت بعد الفراغ من الطواف إلى السعي بين الصفا والمروة مهرولاً يدفعه الشوق إلى السوق حذار ان