والايلاء والظهار والنذر واليمين وقتل الخطأ بل والعمد وغير ذلك مما يجد المتتبع في اكثار أبواب الفقه ، وهو اطعام للفقراء تارة ، وكسوة أخرى ، وعتق ثالثة ، جمعت الشريعة الاسلامية بسعة رحمتها وعظيم حكمتها بين رعاية الفضل والعدل ، وأقامت قواعد الاقتصاد والاعتدال في بذل الأموال ولما ندبت وبالغت في الحث على الانفاق في سبيل الله ، وتدرجت فيه إلى ابعد غاية الانفاق من فاضل المال وحواشيه أولاً لا من صلبه ثم المواساة والمشاطرة من صميمه ثانياً [ وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ] [1] ثم الايثار على النفس ثالثاً [ وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ] [2] وهذا أقصى ما يتصوّر من السخاء والكرم والردع عن رذيلة البخل والشحّ ، وحذراً من ان تطغي هذه العاطفة فتجحف بالمال وتضرّ بالأهل والعيال ، ويضطرب بها حبل المعيشة والعائلة تداركت الشريعة ذلك وعدلت هذا الميل على المال ، وقالت لا صدقة وذو رحم محتاج بل سبق ذلك كتاب الله المجيد ، فإنه جلّت عظمته لمّا بالغ في دعوة الناس عموماً ، والمسلمين خصوصاً إلى البذل والاحسان وانفاق المال على الفقراء والمساكين فيما يزيد على سبعين آية بأساليب مختلفة ، وتراكيب عجيبة توجه الكتاب الكريم إلى تعديل ذلك فأمر بالاقتصاد والتدبير والاعتدال ومجانبة التبذير فقال جلّ وعلا : [ وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا ] ( 1 )
[1] سورة المعارج آية : 24 - 25 وفي سورة الذاريات آية : 19 قوله تعالى [ وفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ] . [2] سورة الحشر آية : 91 . ( 3 ) سورة الاسراء آية : 26 - 27 .