ولم يدفعها لمستحقها لم تقبل صلاته ، وان أتى بها على أصح وجوهها ، ومن سعة رحمته وعنايته بخلقه جعلها في أهم الأشياء وأعمها ، وألزمها في حياة البشر ومقومات العيش وهي الأجناس التسعة النقدان ، والغلات الأربع والانعام الثلاثة ، وهو عزَّ شأنه وان فرض فيها النزر اليسير ، وهو العشر ونصفه أو ربعه ولكن الحاصل من مجموعه الشيء الكثير ، وليست فوائد هذا التشريع وهذه الاشتراكية العادلة الحرة مقصورة على الناحية المادية فقط بل فيها من الفوائد الاجتماعية والتأليف بين الطبقات ، وتعاطف الناس بعضهم على بعض وقطع دابر الفساد والشغب فيما بينهم ما هو أوسع وانفع واجلّ واجمع فأنّ فيه غرس بذور المحبة بين الغني والفقير فالغني يدفع وينفع الفقير باليسير من ماله عن طيب خاطره إداءً لواجبه ورغبة بطلب المثوبة من ربه والفقير يأخذ من غير مهانة ولا ذلة لأنه أخذ الحق الواجب له من مالكه وخالقه ثم أردف الزكاة بالخمس توفيراً لحق الفقراء ، وتكريماً للعترة الطاهرة عن تلك الفضول التي هي صدقات ونوع من الاستجداء ثم رعاية شبه الجزاء والأجر لجدهم الأعظم فيما تحمل من عناء التبليغ وأعباء أداء الرسالة . وبعد ذلك الحث على الانفاق عموماً ، وتشريع الزكاة والخمس خصوصاً هل قنعت واستكفت سعة تلك الرحمة وبليغ هاتيك الحكمة ؟ . هل اكتفت للفقراء والعناية بهم بكل ذلك ؟ . ، كلا بل فتحت في التشريع الاسلامي باب ( الكفارات ) وهو باب واسع يدخل في أكثر العبادات وغير العبادات وغير المحرمات ، فقد مشت وفشت فريضة هذه الضريبة حتى في الصلاة وتكثّرت في الصوم والاعتكاف والحج