والذكر المبين ، نزل به الروح الأمين من رب العالمين ، وهل تجد شيئاً من هذه الأساليب في شيء من التوراة والإنجيل والزبور وغيرها ، وهي أكبر حجماً ، وأكثر ألفاظاً ورقماً أرأيت كيف تنازل العظيم من أوج عظمته إلى مخلوقه العاجز الضعيف فصار يستقرضه ويقول : [ مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ ] ( 2 ) ثم لم يكتف بهذا كله في الدعوة إلى التعاون وتعاطف البشر بعضهم على بعض بالاحسان والمعروف ، نعم لم يكتف بما ندب إليه من المعروف على سبيل الندب والاستحباب وان كان واجباً أخلاقياً ، نعم لم يكتف بذلك العموم والاطلاق في الترغيب إلى الانفاق والاحسان لكل ذي روح حتى البهائم والهوام بل وحتى الكلب العقور ، فإذا رأيت كلباً يلهث من العطش استحب لك في الشريعة الاسلامية ان تسقيه الماء ( فأن لكل كبد حرا أجر ) كما في الحديث أمّا الرفق بالحيوان والحمولة والدواب فقد عنيت الآداب الاسلامية برعايتها والرحمة لها عناية بالغة ، وفي الحديث ما مضمونه : إذا وصلت المنزل فأبدأ بسقي دابتك وعلفها وراحتها قبل نفسك ولا تتخذوا ظهور دوابكم منابر ، ولا تحملوا عليها فوق طاقاتها ولا تجهدوها ولا تضربوا وجوهها إلى كثير من أمثال ذلك مما لا مجال لإحصائه في هذا البيان ، اما الفقراء والضعفاء والعجزة فلم يكتف لهم الشارع المقدّس ورحمته الواسعة بهذه العمومات والمطلقات ، بل جعل لهم مزيد عناية تخصّهم وفرض لهم في أموال الأغنياء نصيباً مفروضاً ، وصيّرهم شركاء لهم فيما بأيديهم ، ولكن من دون اجحاف واعتساف بأموالهم بل قال الشارع الأقدس في كتابه المقدّس