وَلاَ خُلَّةٌ وَلاَ شَفَاعَةٌ ] [3] ، ولم يكتف بهذا كله في هذه السورة المباركة حتى أفاض في فضل الانفاق وأجره العظيم ، وانّه يعود بأضعافه المضاعفة وجاء بأبلغ الأمثال ، وأبدع المقال فندب إلى البذل والاحسان وحرمة الربا الذي فيه قطع سبيل المعروف ، وأكل المال بالباطل ، وجعل من يصر على استعماله محارباً لله العظيم والله محارب له ، كل ذلك في ضمن أكثر من ثلاثة عشر آية مطولة بدأها عزَّ شأنه بقوله : [ مَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ] [4] إلى قوله تعالى : [ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ] ( 5 ) ، ثم بعدها أربعة عشر في فضل الانفاق ألحقها بتحريم الربا ، وفظاعة شأنه ، وتهويل جريمته ، وبيان جملة من احكامه فقال : [ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ الْمَسِّ ] ( 6 ) وهذا تصوير بديع لحال المرابين ، وعظيم جشعهم ، وحرصهم
( 1 ) سورة البقرة آية : 254 . ( 2 ) سورة البقرة آية : 261 . [3] سورة البقرة آية : 274 . [4] سورة البقرة آية : 275 قوله تعالى : كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان أي المصروع وتخبط الشيطان من زعمات العرب يزعمون ان الشيطان يخبط الإنسان فيصرع والخبط الضرب على غير استواء كخبط العشواء فورد على ما كانوا يعتقدون والمس الجنون وهذا أيضاً من زعماتهم وان الجني يمسه فيختلط عقله ولهم في الجن قصص واخبار وعجائب وانكار ذلك عندهم كأنكار المشاهدات ، هذا مختصر ما قاله الزمخشري في الكشاف . القاضي الطباطبائي