هي ذكر ودعاء وتوجيه إلى المبدأ الأعلى واستحضار عظمه وكبريائه في كل تكبير استحضاراً يستوجب أقصى مراتب الخضوع والخشوع في السجود والركوع ، وبالضرورة إن مثل هذه الصلاة تنهي العبد عن ارتكاب أي معصية كبيرة أو صغيرة ، بل كل الذنوب كبائر بالنظر إلى مخالفة ذلك الكبير ، ولا شك أنها تصده وتمنعه عن ارتكاب الفحشاء والمنكر ، وذكر الله وتصور عظمته وعظيم نعمه على العبد أكبر من أن يجتمع من الفحشاء والمنكر ، فالصلاة أكبر من أن تجتمع مع المعصية ، والعبد إذا ذكر الله فصلى ، ولكن ذكر الله بالرحمة والتوفيق في اجتناب المنكر أكبر من ذكره لله ؛ فذكره لله يمنعه عن المنكر ، وهذا كبير ولكن ذكر الله له أكبر ، وقد جمعت الآية على وجازتها كلتا الجهتين وأعلى الناحيتين ، وذكر الله أكبر فانعم النظر فيه وتدبر ، ولذا فإني لا أزال ادعو الشبَّان بل وغيرهم ممن يتقاذفهم تيار من الشهوات في الغمرات ويرمي بهم على غرة من غمرة إلى غمرة ، أنصحهم انهم مهما انجرفوا في شهواتهم ومعاصيهم ، ولكن عليهم ان يلتزموا بإقامة الصلاة ولو بأقل مراتبها ، فإنهم إذا التزموا بها لا شك انها تجرهم إلى خير ، وتختم لهم بالحسنى ، وإذا ضيعوها ضاعوا وضاع عنهم كل خير ، فإنها الحبل الذي يوصل العبد بربه ، وبتركها ينقطع الحبل المتين ، وهنالك الخسران المبين في الدنيا والآخرة ولا حول ولا قوة .