فدعوى عدم امكان القسمة لعدم امكان التعيين مما لا وجه لها وهذا القدر كافِ في صحة القسمة بلا ريب فإنه تعيين للحق رافع لتلك الإشاعة والاشتراك حقيقة فإذاً عينه المالك أعني كل واحد من الشريكين تعين ، فأن المال الكلي الثابت في الذمة لهما ، ولهما التصرف فيه كيف شاءآ سواء رضى من عليه الحق أم لا ، وان كان له اختيار تعيين الكلّي في أي مصداق أراد ، وبالجملة فلا مجال للتأمل في صحة القسمة وان وامكانها وشمول عموماتها لهذا النوع بل ولزومها بعد تحققها فيكون لكل منهما ما يقبضه ولا يشاركه الآخر فيه ولو قبض أحدهما وتعذر قبض الآخر بحيث عد كالتالف كان من نصيبه فقط ، بل يمكن القول بصحة قبض أحدهما نصيبه من ذلك المشاع حتى مع عدم القسمة ، فلو عمد أحد الشريكين وقبض نصف المال ممن عليه الحق ولكن بقصد انه قبض حقه وتمام حصته لا بقصد الحصة المشتركة من المال المشترك صح وكان المقبوض له بتمامه ولو مع إذن شريكه بل ولو مع عدم رضاه كما يظهر من ابن إدريس [1] من ان لأحد الشريكين ان يقبض حقه كما له ان يهبه أو يبرأ الغريم منه أو يصالح عليه ، فلو شاركه في المقبوض لكان في هذه الصور كلها يشارك من لم يهب ولم يبرء فيما يستوفيه الخ ، لان هذه التصرفات كلها لا تنافي الإشاعة ضرورة جواز الصلح على المشاع وهبته ونحو ذلك ، بل لان الدين المشترك ولو على ذمة واحدة في نظر وبناء العقلاء كدينين مستقلين في ذمة واحدة أو ذمم متعددة فهو كما لو كان لزيد مال في ذمة بكر ولعمرو مال مستقل
[1] محمد بن احمد بن إدريس الحلي صاحب كتاب السرائر من أعاظم فقهائنا وهو في الرعيل الأول بين المحققين توفي سنة ( 598 ) ه .