الأخبار في هذه المسألة كثيرة واختلافها هو منشأ اختلاف الأصحاب فبين قائل بالحرمة وهو المشهور بين المتقدمين إلا مع الحائل أو فضل عشرة أذرع وبين قائل بالكراهة وهو الأشهر عند المتأخرين وعن الجعفي ( 2 ) المنع إلا مع الفصل بقدر عظم الذراع وكيف كان فلابد من سرد الأخبار أولاً فنقول : هي على طوائف أربع مطلقة في الجواز ومطلقة في المنع ومفصلة بين وجود الفاصل فيجوز بين عدمه فلا الفاصل في بعضها عشرة فأكثر وفي بعضها شبر وما يقاربه والأولى بين صريحة في الكراهة أو ظاهرة فيها وبين مطلقة في عدم البأس والأقوى هو الكراهة وفاقاً للمتأخرين لان اخبار الجواز صريحة فيه ونص في عدم البأس بحيث لا تقبل التخصيص ولا تتحمل التصرف فيها بنحو من أنحائه بخلاف اخبار الحرمة فإنها بين ظاهرة فيها وبين ظاهرة في الكراهة فيرفع اليد عن ظهورها لنصوصية تلك الاخبار المجوزة فالمراد بالنهي فيها هو النهي التنزيهي ويؤيده اختلاف الأخبار في تعيين مقدار الفاصل فان اختلاف الأخبار في المقادير يكشف عن كراهيتها ومراتبها تختلف شدة وضعفاً كما في تعيين الوقت ومنزوحات البئر ويؤيده وجاهة حمل نصوص المنع على الكراهة التي هي من مراتبه بخلاف ما إذا قلنا بالحرمة فإنه يقتضي طرح الأخبار الدالة على الجواز صريحاً . ثم اعلم ان المتبادر من الأوامر والنواهي الواردة في العبادات
( 1 ) محمد بن احمد بن إبراهيم الجعفي الكوفي ثم المصري المعروف ب ( الصابوني ) من قدماء فقهاء الأمامية واعلامهم المشاهير أدرك الغيبتين وله مؤلفات كثيرة في الفقه منها كتاب الفاخر انظر تنقيح المقال ج 2 باب الميم ص 65 رقم ( 10291 ) .