وقد أشرنا إلى كل منها في تضاعيف كلامنا واعتبار هذا الرضاء وكفايته في دفع القبح وقطعه العذر في التصرف في أموال الغير مما لا اشكال فيه وانما الكلام في الرضا التقديري والفرضي بحيث لو علمه لرضي به وربما يقال بكفايته تعويلاً على اخبار لا تدل على المطلوب بل ولا صدرت لبيان الأحكام الآلهية أبداً بل انما صدرت لبيان مراتب الكمال والفضيلة من الأخوة الواقعة بين المسلمين وان المسلم الذي يدعي الأخوة لا بد بأن يرضى لإدخال أخيه يده إلى جيبه وكيسه وعدم دفعه لها ولو سلم فهذه الأخبار أدّل على الرضا الفعلي من التقديري فتأمل واستدل أيضاً بالسيرة القطعية بحيث يكتفي جميع افراد البشر بالرضا التقديري في تصرفاتهم وعليه نظام معيشتهم . أقول : الرضا التقديري يتصور على وجوه : أحدها : هو ما لم يجامع المنع ولا الرضا الفعليين وهذا هو القدر المتيقن منه في المقام . ثانيها : هو ما يجامع المنع الفعلي فهذا يتصور على نحوين لأنه تارة يمنعه لذاته جهلاً بصفاته مثل ان تقول لا تدخل إلى داري بحيث جعل المتعلق هو الذات جهلاً بأنه محبه أو فيه أوصاف حسنة بحيث لو علم بها لما منعه وأخرى يمنعه لذاته جهلاً بذاته كمن تخيل انَّ زيداً يحبه وعمرواً يبغضه فمنعه . ثالثها : يجامع المنع الفعلي مع دخوله تحت عنوان من له الرضا الفعلي فالأحكام تختلف حسب اختلافه فيمكن القول في الأول بالمنع وعدم كفاية الرضا المقارن له كما يمكن القول بالجواز في الآخرين فان حصل الشك فيرجع إلى الأصول العملية لا إلى الأدلة الدالة على عدم جواز التصرف