فأُصول مذهبه في الاجتهاد قريبة من مذهب الشافعي ، لأنّ أحمد تفقّه على الشافعي ، فهو يأخذ بالقرآن والسنّة وفتوى الصحابي والإجماع والقياس والاستصحاب والمصالح المرسلة وسدّ الذرائع [1] . وعلى كلّ حال فقد أهمل الدكتور ذكر دليل العقل ، واكتفى بالقياس والاستحسان ونحوهما من الاعتبارات الظنّية ، ولكنّ المذكور في كتاب المستصفى في علم الأُصول - من مؤلّفات الغزالي من علماء الشافعيّة - أنّ « أدلّة الأحكام أربعة : الكتاب والسنّة والإجماع ودليل العقل المقرّر على النفي الأصلي ، فأمّا قول الصحابي وشريعة من قبلنا فمختلف فيه » [2] فأهمل ذكر القياس والاستحسان والمصالح المرسلة وسدّ الذرائع ، وصرّح بانحصار الدليل العقلي في البراءة الأصليّة ; وهي قاعدة قبح العقاب بلا بيان . الأمر الخامس : في المراد من « الحكم العقلي » : قال بعض الأعيان : « ليس للعقل أكثر من وظيفة الإدراك وهو المراد في المقام ، ولا نعرف من يذهب إلى القول بكونه حاكماً في مقابل الله ( عزّ وجلّ ) ففي كتاب مسلّم الثبوت : لا حكم إلاّ من الله تعالى بإجماع الأُمّة ، لا كما في كتب بعض المشايخ أنّ المعتزلة يرون أنّ الحاكم هو العقل ، فإنّ هذا ممّا لا يجترئ عليه أحد ممّن يدّعي الإسلام ، وفي محيط الزركشي : أنّ المعتزلة لا ينكرون أنّ الله هو الشارع للأحكام والموجب لها ، والعقل عندهم طريق إلى العلم بالحكم الشرعي ، نعم هناك مدركات عقليّة لا تكشف عن حكم شرعي
[1] المصدر السابق : ص 30 - 40 . [2] المستصفى من علم الأُصول : القطب الثاني في أدلة الأحكام ج 1 ص 100 .