فيملأ به الأرض قسطاً وعدلا كما ملئت ظلماً وجوراً ، اللّهم اجعلنا من أعوانه وأنصاره . 13 - أنّ المذاهب الفقهيّة والكلاميّة لإخواننا من أهل السنّة كانت كثيرة إلى أواسط المائة السابعة ، وعند ذاك أينعت نغمة الانحصار ، فحصروا مذاهبهم في الفروع بالأربعة ( الحنفيّة ، الشافعيّة ، المالكيّة ، الحنبليّة ) ، وفي الأُصول حصروها في مقالة الأشاعرة المنكرين للحسن والقبح ودليليّة العقل في خصوص ما نسمّيه بالمستقلاّت العقليّة ، وحيث غلب مذهب الأشاعرة وانحسرت أفكار المعتزلة بمرور الأيّام صار دليل العقل عندهم متروكاً ، فأبدلوا العقل بالقياس والاستحسان ونحوهما من الآراء الظنّية ، إلاّ النادر منهم كالغزالي فإنّه يصرّح بالدليل العقلي ، وفسّره بالقياس ونحوه عند فقد النصّ من الكتاب والسنّة والإجماع . 14 - أنّ أصحابنا الإماميّة لم يزالوا على رأيهم من عدّ العقل أحد المنابع الفقهيّة ; تبعاً للقرآن ، واتّباعاً للأئمّة من أهل البيت ( عليهم السلام ) ، فإنّ الأخبار الصادرة عنهم تنادي بذلك ، وركن الأصحاب إلى نقلها والعمل بها على مرّ الدهور والأزمان ، وكلام الشاذّ منهم ليس مقياساً للآخرين . 15 - قد مرّ في كثير من المقامات إمكان رفع الاختلافات وإرجاعها إلى النزاعات اللفظيّة ، وبه تضيق دائرة النزاع ويحصل التقريب بين المذاهب وأرباب المسالك كما لا يخفى . 16 - العقل عند الإماميّة من المنابع الفقهيّة ، وقيمته أزيد من قيمة ظواهر الكتاب والسنّة ومن الإجماع المحصّل والمنقول ، بل ادّعى بعض العلماء -